علم النفس المعرفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لقد احتلت المدرسة السلوكية مركز الصدارة في مجال دراسة على مدار النصف الأول من القرن العشرين. أما اليوم، أصبح علم النفس المعرفي هو الفرع المسيطر على مجال الدراسة. على أن البحث والتحليل لابد ألا يتجاهلا الدور الذي يلعبه الطفل في عملية اكتسابه اللغة وتعلمها، وسلم بأن الإنسان يولد ولديه قدرة طبيعية على اكتساب اللغة.
مع ظهور علوم الحاسب الآلي والذكاء الاصطناعي، بدأت تظهر المناظرات بين طريقة الإنسان في معالجة المعلومات وطريقة الآلات. وقد أدى هذا التناظر، إضافة إلى الافتراضات التي تعتمد على وجود التمثيل العقلي، وأنه يمكن الاستدلال على الحالات العقلية والعمليات من خلال التجربة العلمية في المعامل، إلى ظهور علم النفس المعرفي كنموذج مبسط ومشهور لدراسة العقل. هذا بالإضافة إلى أن هدف الحصول على فهم أفضل للعمليات العسكرية منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، دعم الأبحاث التي أجريت في مجال المعرفة.
يختلف علم النفس المعرفي عن غيره من فروع علم النفس في نقطتين أساسيتين، أولاً، إنه يقبل باستخدام الطريقة العلمية، ويرفض بشكل عام أسلوب الاستبطان كطريقة للفحص والبحث، ذلك على عكس الأساليب التي تركز على الرمزية، مثل علم النفس الدينامي. ثانياً، إنه يقر بشكل صريح بوجود حالات عقلية داخلية، مثل الإيمان والرغبة والدافع، وهو أمر لا تقره المدرسة السلوكية.
وفي الواقع، اهتم علماء علم النفس المعرفي، وعلماء نفس الأعماق، بدراسة ظاهرة العقل الباطن التي تتضمن الكبت، ولكن فضّل علماء علم النفس المعرفي استكشاف هذه الظواهر اعتماداً على العناصر التي يتم تحديدها بشكل عملي، مثل العمليات التي تحدث تحت عتبة الإدراك وفي الذاكرة الضمنية، والتي يسهل فحصهم بشكل تجريبي.
علاوة على ذلك، عكف علماء علم النفس المعرفي على دراسة هذه العناصر لشكهم في وجودها. فعلى سبيل المثال، استخدمت عالمة النفس الأمريكية (إليزابيث لوفتس) الأساليب التجريبية لتوضيح الطرق التي يمكن بها إخراج الذكريات بواسطة الإبداع بدلاً من العمل على إخراجها عن طريق التخلص من الكبت، وقبل ظهور الثورة المعرفية في علم النفس بعقود طويلة.
أصبحت الروابط التي تصل بين النشاط النفسي والعقل ووظيفة الجهاز العصبي مفهومة. لقد تم استكشاف ودراسة العلاقات التي تربط بين العقل والجسد بشكل مفصل، بواسطة علماء النفس المعنيين بدراسة الروابط العصبية المعرفية. وبالتطور الذي طرأ على تقنيات قياس وظائف المخ، شهد كل من علم النفس العصبي وعلم دراسة الجهاز العصبي المعرفي نشاطًا متزايدًا في البحث والدراسة في علم النفس الحديث. أصبح علم النفس المعرفي فرعاً من الفروع التي تقع تحت مظلة العلوم المعرفية، والتي منها فلسفة العقل وعلوم الحاسب الآلي وعلم دراسة الأعصاب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat