مظلومية أمير المؤمنين (ع) في صحاح السنة/ ح2
د . احسان الغريفي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . احسان الغريفي

ومن أسباب الظلم هذه منع عمر بن الخطّاب تدوين الحديث، فقد ذكر الطبراني في المعجم الأوسط ج: 1 / ص: 576 [ ح. 2117- من اسمه أحمد]، كذلك محمود أبو رَيّة في كتابه: شيخ المضيرة أبو هريرة: ص125-126، أنّ عمر بن الخطاب كان يقول: (أقلّوا الحديث عن رسول الله، وزجر غير واحد من الصحابة عن بثِّ الحديث، فقد قال أبو هريرة: "ما كنّا نستطيع أن نقول: قال رسول الله ص حتى قبض عمر كنّا نخاف السياط".
فالباحث اللّبيب يدرك أنَّ السبب الحقيقي والوحيد الذي دعاه لمنع كتابة الحديث في حياة رسول الله ص - وذلك في قصة رزيَّة الخميس المذكورة في صحيح البخاري، ص:39 [حديث: 114 –كتاب المغازي]وفي غيره من الصحاح – هو نفس السبب الّذي دعاه إلى منع كتابة الحديث بعد وفاة رسول الله ص، وهو نفس السبب الذي دعا الحكَّام الأمويين، والعبَّاسيين من محاربة كلّ مَن يتحدَّث بأحاديث الولاية، أو يذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام، وهذا الأمر في غاية الوضوح فلا يحتاج إلى تأمّل شديد، أو دقَّة نظر.
ومن مظاهر كتمان الحقيقة والخوف من السلطة الحاكمة ما تراه جلياً في قول أبي هريرة المذكور في الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة ج: 7 /ص: 509[حديث: 37616 / ما ذكر في فتنة الدجَّال]، فقد قال أبو هريرة:" ولو أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ها هنا وأخذ قفاه بحرف كفه" [ثم رفع يده للدعاء قائلاً:] " اللهم لا تدركن أبا هريرة إمرةُ الصبيان)) . فما منع أبا هريرة من التصريح شيءٌ سوى الخوف من السلطة الحاكمة، وما هو هذا الخبر الذي لو أباح به لقتلوه؟!، وما علاقته بالإمارة وامرة الصبيان، حتى يدعو أبو هريرة على نفسه بالموت قبل حلولها؟! فكل هذا الكلام فيه تعريض إنْ لم نقل تصريح بغصب الخلافة من صاحبها الشرعي .
ومن الأسباب الَّتي أدَّت إلى ضياع أحاديث الخلافة، والولاية: تكتّم بعض الرواة لأسباب غامضة: فقد روى الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين – الجزء: 3 /ص: 339 -340 ، [ ح . 4698، وعن جابر ابن عبد الله 4697 – ذكر اسلام أمير المؤمنين علي (رض)] فقد روى بإسناده ((عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر النبي إلي فقال: «يا علي، أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي»[ثمّ قال الحاكم:] صحيح على شرط الشيخين،
«وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح »، [ويضيف النيسابوري قائلاً]:
سمعت أبا عبد الله القرشي يقول: سمعت أحمد بن يحيى الحلواني يقول: « لما ورد أبو الأزهر من صنعاء وذاكر أهل بغداد بهذا الحديث أنكره يحيى بن معين، فلما كان يوم مجلسه، قال في آخر المجلس: أين هذا الكذَّاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديث؟ فقام أبو الأزهر، فقال: هو ذا أنا، فضحك يحيى بن معين من قوله وقيامه في المجلس فقَرَّبه وأدناه، ثم قال له: كيف حدَّثكَ عبد الرزاق بهذا، ولم يحدِّث به غيرك؟
فقال: إعلم يا أبا زكريا، أني قدمت صنعاء وعبد الرزاق غائب في قرية له بعيدة فخرجت إليه، وأنا عليل، فلما وصلت إليه سألني عن أمر خراسان، فحدثته بها وكتبت عنه، وانصرفت معه إلى صنعاء، فلما ودعته، قال لي: قد وجب عليَّ حقك، فأنا أحدثك بحديث لم يسمعْه مني غيرك، فحدثني والله بهذا الحديث، لفظاً فصدقه يحيى بن معين واعتذر إليه)).
ومن هنا تعلم أنَّه ليس من المستبعد أنْ يكون عبد الرزاق- وهو شيخ البخاري- قد أخفى أحاديث كثيرة مثل هذا الحديث الَّذي خصَّه بأبي الأزهر إكراماً له ؛ لقوله:" قد وجب عليَّ حقك"، وهذا يعني أنَّ هذا الحديث من الأحاديث المعتبرة والصحيحة عند عبد الرزاق، فإذا كان ذلك فلماذا كان عبد الرزاق يكتم هذا الحديث؟!
أليس هو الحذر من الإتهام بالتشيع، أو الحذر من الحاكم؟!!!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat