تربية الأبناء بين الموروث والحداثة
طوى علي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
طوى علي

عملية خلق جيل واعي يسير على هدى أئمة أهل البيت عليهم السلام بحاجة إلى الكثير من الإعداد والتخطيط، وإن عجزنا عن ذلك، على مستوى الشمولية في المؤسسات والمعاهد التربوية والتأهيلية، فيعتبر كل بيت بمثابة مؤسسة إنتاجية لنواة إنسان ناهض، يشكل الأساس المستقبلي لمجتمع العصمة المكتسبة، لعصر الظهور المقدس للإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف... ولكن لا نصدم في حقيقة الأمر إن كان الأبناء يواجهون آباءهم بالصد والتململ من بعض النصائح والتوجيهات، فهم ينظرون بطبيعة الحال للأمور من زوايا ومقاييس أخرى مغايرة لتلك التي كانت مألوفة عند الجيل السابق، وقد ورد في المأثور: (لا تقسروا أبناءكم على أخلاقكم، فأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم).
فإذا نظرنا لملابس الشباب - على سبيل المثال - فالأعم الأغلب من استيرادنا الحالي هو (الزي) الغربي، الضيّق بسراويله المخزية، ذات الألوان الصارخة، وبعضها يأتي ممزقا (حسب الموضة)!! وهذا بطبيعة الحال مغاير تماما للباس الإسلامي التقليدي، وأعرافنا وموروثنا، الأمر الذي معه ضرورة خلق حالة من التوعية ليست بالقسرية، لكي لا نتهم بالتشدد والتعصب، ونصح الأبناء بملابس تلائم مجتمعنا المحافظ الملتزم...
وهناك من يرى أن في حالة سيطرة الفضائيات على مظاهر شبابنا وملابسهم، فأن علينا المحافظة على عقولهم وأفكارهم من التيه والانحراف، وذلك بالعودة إلى آليات التربية الحديثة... التي تغيرت عن السابق وتعقّدت، وأخذت أساليب متنوعة حسب ثقافة الوالدين، ورغبتهم في مواكبة الحداثة، وحمل أطفالهم على التعامل مع متغيرات العصر بتوازن مدروس، خاصة مع أجهزة الاتصال المتطور؛ كالموبايل والفضائيات والنت... ذلك التعامل ذكي يكون بمقدار الفائدة القصوى، وترك الفاسد منها، وهذا ليس بالأمر الهين، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار رجوع أغلب الأبناء إلى أبنائهم لتعليمهم كيفية استخدام هذه الأجهزة، بمعنى ضلوعهم وتفتح ذهنيتهم في الاستخدام الفائق لتلك الأجهزة، وهو ليس بالأمر المعيب، فلكل عصر أدواته...
ولكن العيب حقا حين ينظر الأبناء لموروثات الآباء الدينية والعقائدية والتربوية والأخلاقية بكل تفاصيلها وتفرعاتها على أنها أمور بالية، يجب تناسيها؟! وهذه من الكوارث حقا، فكيف يتسنى لجيل أن ينسلخ عن الجيل الذي قبله؟ فهذا يؤدي إلى فقدان حلقة مهمة من حلقات التواصل عبر العصور المتعاقبة... وهنا يأتي دور الآباء في عملية التقنين المدروس في ضخ القيم والمبادئ الموروثة من جهة، وفسح المجال لتعلم تقنيات الأجهزة الحديثة من جهة أخرى...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat