ضيافة الصيام ....وجه آخر   
 محاسن غني النداف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 فرق كبير بين أن تكون الصلاة مجزية أو أن تكون مقبولة. ففي الصورة الاولى يقف المصلي عند أدنى مقدمات الصلاة وأشراطها من نية ووضوء وذكر وركوع وسجود، كمن يستظل بشجرة من دون قطف ثمارها، لأنه لايرى سوى شجرة، أما الصورة الثانية، فالمصلي يرى وجها آخر  للصلاة، فلا يقف عند حد الاستظلال  بل يقطف الثمار و يتناولها ويلتذ بحلاوة طعمها ولايروم عنها بدلا.
"إلهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ، فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً، وَمَنْ ذَا الَّذِي أَنِسَ بِقُرْبِكَ، فَابْتَغَى عَنْكَ حِوَلاً"(١)
 
الاول وقف عند ظاهر الصلاة، والثاني غاص في اعماقها ليستخرج كنوزها بتوفيق ورحمة من الحق سبحانه، وهو المسدد لعباده بسعيهم لمرضاته.
قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)(٢)
 
فهل للصيام نصيب من هذه القاعدة؟
من دون شك أن قاعدة الظاهر والباطن، وهي من القواعد القرأنية المعروفة، تنسحب على سائر آيات الله وفرائضه وتشريعاته ومنها الصيام، استنادا الى قانون وحدة النظم في علم الكلام.
القسم الاول يقف عند حد الأمتناع عن تناول الطعام والشراب والألتزام ببعض الأوراد والنوافل فلا تصل همته الى ماهو ابعد من مجرد الأستظلال بأغصان الشجرة.
والقسم الثاني يمد يده ليقطف الثمرة، و قد يسعفه الحظ فينال نصيبا  أوفر من المغفرة والعتق من النيران، لكنه في قابل الايام إذا ما ابتعد عن الشجرة قد يتعثر فتسقط الثمرة من يده، وتصيبه الحسرة على مافرط في جنب الله من معاودة لأرتكاب المعاصي وإقتراف الذنوب، ولا تدارك إلا بشهر رمضان او وقوف في عرفة.
أما القسم الثالث فهم اولئك الذين يعتصمون بالشجرة طوال العام لأنهم يرون فيها الملاذ والنجاة من بؤس ما ظهر من الظلم والجور في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس.فيروضون انفسهم بالورع عن محارم الله ليقوا أنفسهم واهليهم نار وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
يفتتحون ثنائهم على الله بتحميده وتمجيده  ابتداءا من رجب مرورا بشعبان وصولا الى شهر رمضان ليبلغوا ليلة القدر وكل ذرة من كيانهم، الذي طهر بالتوبة والاستغفار ينادي: 
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله، متوسلين متضرعين لنيل مقام النصرة والمشايعة والأستشهاد بين يدي صاحب ليلة القدر، الداعي الى كتاب الله والقائم بدينه. فهم مذهولون عن الدعاء للنفس والولد بالدعاء لمن ودوا لو يفتدونه بأنفسهم واولادهم.
إنه الوجه الاخر لشهر الرحمة والمغفرة ، وجه يعرف في ليلة القدر بوابة الفرج، وجه الضيافة الربانية المؤيدة للعباد  بغلق أبواب النيران وحجب وساوس الشيطان،  عسى أن نكون لائقين بالتضرع في ليلة هي خير من الف شهر ، فيرفع الدعاء ويتحقق المطلب.
"شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله..."(٣)  وكأن الرسول الاعظم صلوات ربي وسلامه عليه وآله يريد القول  أيها العباد أنتم مدعوون لرؤية ذلك الوجه الأخر  لتؤدوا حق الضيافة وتنهلوا من معين الغفران بسعيكم الحقيقي لتقويم أنفسكم بالورع والتقوى لتزول الحجب في ليلة الفتح المبين، ليلة القدر ،فيستجاب الدعاء ويؤذن بأقامة دولة العدل التي ارتسمت ملامحها في دعاء الافتتاح المهدوي، الذي تزدان به ليالي شهر رمضان، وقد أمرنا أن ندعوا به في كل ليلة، فقد آن الاوان لنخرج من إطار الدعاء للفرد، الى افق الدعاء الحثيث للأمة.
 
اللّٰهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا  ، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا ، وَقِلَّةَ عَدَدِنا ، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنا ، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ  ، وَأَعِنَّا عَلىٰ ذٰلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ  تُعَجِّلُهُ ، وَبِضُرٍّ تَكْشِفُهُ ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها ، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(٤)
 
......... ............
١/مناجاة المحبين، مفاتيح الجنان،شيخ عباس القمي.
٢/سورة العنكبوت الاية ٦٩.
٣/خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في استقبال شهر رمضان.
(٤)دعاء الافتتاح، مفاتيح الجنان ، شيخ عباس القمي.
 
محاسن غني النداف

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


 محاسن غني النداف

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/22



كتابة تعليق لموضوع : ضيافة الصيام ....وجه آخر   
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net