آفاق قرآنية الإنسان كما وصفه القرآن
علي راضي الخفاجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي راضي الخفاجي

{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}الأحزاب/72.
الإنسان في القرآن صفوة الخلائق وأكرمها، وأحسن الموجودات وأقومها، ولا تجد وصفاً وافياً عن حقيقته في سوى القرآن.
خلقه تعالى بيده (تشريفاً)، وجعله خليفته في الأرض (تكريماً)، وأودعه أمانته (تعظيماً).
فكان كما أراد الخالق (كنت كنزاً مخفياً فأحببتُ أن أعرفَ فخلقت الخلق لكي أعرف)
واحتوى هذا الإنسان على قدرات هائلة: على الإدارة والتصميم والتفكير والتدبير والابداع والتكوين فكان جريئاً في حمل هذه الأمانة والعبء الجسيم وقد كرمه تعالى حين أمر الملأ الأعلى بالسجود له ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)) الإسراء/70. وأخضع الطبيعة له حين أمكنه من تسخيرها، فكانت غاية الخليقة ومستودع أمانات الله.
ثم صار ظلوماً لنفسه حين لم ينهض بحمل هذه الأمانة كما ينبغي جهولاً بحدود طاقته.
فيا أيها الإنسان.. أيها المرآة الصافية التي تجلّت بها جميع صفات الجلال والجمال.
متى تعرف نفسك حتى تعرف ربك؟
ربك الذي أعطاك فأجزل، ولم يطلب منك سوى الشكر وأن تعمل صالحاً.
أما آن لك أن تعرف نفسك وتستثمر جوهرتك؟
وأنت أروع ثمار الحياة، مزجت طينتك بأديم الأرض ونفحات السماء فما أغمض سر الطبيعة فيك وما أغمض عينك عنها!! أليس منك ذات محمد (ص) وهو إنسان مثلك كمـُلت فيه إشراقة السماء وحيوية الأرض؟ أليس منك علي (ع) مؤمن آل محمد الذي ملك مدارج الكمال فكملت آدميته بالتقوى والفضيلة والعدالة والشجاعة والتضحية والاستقامة ،أديب محمد وربيب القرآن وقد كان بحق قرآناً عجباً يُتلى.
عجيباً أمرك... تعيش في رحم يغذيك منه فيض الوجود، ثم تولد فتتغذى من نمير ثدي أمك، تولد صفحة بيضاء سرعان ما تتلوث بالكفر والضلال وقد يظلمك الآخرون والمستبدون فتصبح لصاً أو تأخذك المغريات فتصبح مجرماً...!! تختصم مع أخيك وكلاكما من أيكة آدم ومن آديم الأرض سميت إنساناً لأنسك، يأنس الوجود بقربك، فما لك أيها الآدمي تكون قبل الزعامة إنسياً ثم تصبح بعدها وحشياً؟ تمشي قبلها مستقيماً ثم تتلفت بعدها مستديراً لتنعم عيناك بكثرة أتباعك، ونسيت أنك في الدنيا ضعيفاً وموظفاً...!!
أين المبادئ والقيم وهذه المزابل والزرائب والخرائب والبرك تزكم الأنوف وتقذي الأعين...!؟
أين حرية الفكر وأنت تستبد برأيك وتخنق أصوات بني جنسك؟
تزعم أن فيك عقلاً وأنت تتبع هواك وأن لك ديناً وأنت تعبد دنياك، وأن لك علماً وأنت تطيش جهلاً...!! وإذا أردت أن تكذب ويصدقك الناس افتريت على الله أو على نبيه زوراً وكنت أكثر شيء جهدلا...
تتجاوز على القيم وتنتهك الحرمات وتعتدي على المقدسات وتفعل المحرمات تقتل- تذبح- تسرق وتقول إنه الشيطان وما الشيطان إلا نفسك.
ربنا لقد امتد بنا التيه وفسد الإيمان في نفوسنا، حتى صرعتنا الظنون وأصبح بعضنا يشك في بعض فمتى نخرج من هذه التيه...؟
اللهم أخرجنا منه خروج موسى (ع) اللهم أنا نسألك الدين الذي يجمع القلوب والدليل الذي يضيء لنا الدرب، والقائد الذي يرفع العلم، أين مؤلف القلوب على التقوى؟ أين جامع الكلمة على الإيمان والهدى؟ أين مؤلف شمل الصلاح والرضا؟ متى يشرق صباحك؟ متى نسمع نداء السماء يهتف بأسمك؟ متى نرد مناهلك الروية فنروى؟ متى ترجع لنا آدميتنا... متى ترجع كرامة الإنسان؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat