الوراثة والمحيط الاجتماعي ركن البناء التربوي
جمان هاشم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جمان هاشم

اثبتت الدراسات التربوية والاجتماعية المستفيضة الأثر الواضح للوراثة والمحيط الاجتماعي في تكوين شخصية الإنسان، حيث تنعكس على جميع جوانبها الجسدية والنفسية والروحية فأغلب الصفات تنتقل من الوالدين والأجداد إلى الأبناء أما بالوراثة المباشرة أو بخلق الاستعداد والقابلية للإتصاف بهذه الصفة أو تلك ثم يأتي دور المحيط التربوي ليقرر النتيجة النهائية للشخصية.
أولاً- دور الوراثة:
من الحقائق الثابتة إن الأبناء يرثون الوالدين من خصائصهم وصفاتهم الجسمية والعقلية والنفسية وكذلك يرثون أجدادهم في بعضها، وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة.
والوراثة لها دور أساسي في نقل بقية الصفات ولهذا أكد الرسول الأعظم(ص) على حسن الاختيار في الزواج فقال:{تخيَّـروا لنطفكم فإن العرق دساس}. ومصطلح العرق يقابله في الاصطلاح العلمي المعاصر(الجينات) والتي تحملها الصبغيات (الكروموسومات) التي تحتويها الخلية الناجمة عن البويضة الانثوية المخصبة من الحيوان المنوي الذكري.
والخصائص والصفات التي يمكن توريثها هي بإختصار:
1- الصفات الجسمية.
2- الصفات العقلية: كحد الذكاء أو البلادة والطباع النفسية والعقلية وصدق النظر في الميول والاهتمامات والاتجاهات، والشجاعة أو الجبن.
3- الطباع والسجايا: كالاهتمام أو عدم المبالاة والرعونة وحدة الطبع وسرعة الإجابة أو الخمول والجمود والاحساس وتعب الأعصاب والانشراح والاكتئاب.
4- الميل في أعضاء الجسد نحو القوة أو الضعف.
5- المزاج العصبي.
6- غرابة الطبع وشواذ الحالات العصبية.
والأمراض النفسية كذلك هي الأخرى تنتقل بالوراثة من الوالدين أو أحدهما إلى الأبناء حيث أثبت كثير من العلماء دور الوراثة في تحديد الصفات النفسية والروحية والعقلية للإنسان، كوراثة الجنون، ومرض انفصام الشخصية.
وللذكاء والغباء تأثير واقعي على سلوك وأخلاق الإنسان، قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع):{من لم يكمل عقله لم تـُؤمن بوائقه} و{الجهل أصل كل شر}.
الخصائص والصفات الخلقية:
يصعب تشخيص الوراثة عن المحيط في أجواء الأسرة فالطفل ينشأ ويترعرع في ظل الخصائص والصفات الخلقية التي يتصف بها والداه أو أحدهما بالتقليد وبالمحاكاة.
وقد حذر أئمة أهل البيت (ع) من الاقتران بالمنحرفين لتحصين العائلة والأطفال من المنحرفين، قال الإمام جعفر الصادق(ع) لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا، ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا، إلا أن تعرفوا منهما التوبة}.
وحذر من تزويج شارب الخمر فقال:{من زوَّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمه} ويستدل على كرم الأعراق من خلال حسن الأخلاق، فحسن أخلاق الأبناء كاشف عن حسن عروقه وأصوله.
ثانياً- دور المحيط التربوي:
تشترك الوراثة مع المحيط في البناء التربوي، بحيث لا يكمن فصل بعضهما عن بعض لأنهما متلازمان ومتكاملان، حيث تخلق الوراثة القابلية والاستعداد للإتصاف بهذه الصفة أو تلك إن وجدت المحيط التربوي المناسب وتشترك الوراثة مع المحيط في خلق الشخصية بما في ذلك المتبنيات العقائدية والقيم.
والمحيط التربوي يشمل جميع مواقع التأثير في الواقع الاجتماعي وأهمها:
الأسرة- الأصداقاء- حلقات الحديث والمجالس- المسجد- علماء الدين- المدرسة- الأحزاب- والتنظيمات والمؤسسات- الدولة ومتبنياتها وميولها الفكري وطبيعة نظامها السياسي القائم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat