ان من بين الامور التي لايختلف عليها العقلاء، ، مسألة الثواب والعقاب ، الجارية في الحياة ، والتي تبتني عليها اغراض متعدد في الحياة الدنياء ، والتي لو فعلت في كل مجالات الحياة لما شاهدنا تلكأً مجال من مجالاتها ، فعلى المستوى الاجتماعي مثلا يتحدث القرآن الكريم في ان لا حياة هانئةٍ ومطمئنةٍ من دون عقاب ، فيما اذا ارتكبت جريمة القتل وازهاق النفس بغير وجه حق .
قال الحكيم الخبير :- (( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) البقرة ١٧٩
وعلى المستوى الاجتماعية نفسه تواجه الانسان مجموعة ابتلائات ، بعضها بعنوان العقوبة على تجاوز حدٍ من حدود شرعة الحياة ، وعرف العقل والعقلاء .
ومما جاء بهذا الصدد من الروايات
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس إن أدركتموهن فتعوذوا بالله منهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، ولم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولو لا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم وعدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم، ولم يحكموا بغير ما أنزل الله [عز وجل] إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم ».
فالنبي الاعظم" صلى الله عليه وآله وسلم " يتحدث في هذه الرواية التي يرويها امامنا الباقر "علية السلام " عن فواحش ترتكب من قبل العباد ان ادركها وعاصرها احد عليه ان يتعوذ بالله منها ، وكلها تقع دائرة تعكير صفو الحياة وهنائها ، فاي عاقل فضلاً عن عبدٍ دان لله بالعبودية ، يرضى انتشار وظهور دور الفحش والزنا وبطرق متعددة ، واي عاقل يرى بأم عينية انتشار بارات الخمور في وضح النهار والليل وهي تفتح ابوابها مشرعة حالها حال دكاكين البقالين ، في بلد يحسب نفسه من بلدان المسلمين ودينه الرسمي الاسلام ، وفي فقرة من فقرات دستورة منع لمثل تداول هكذا امور ، ومن يرضى انتشار وظهور المخدرات لتاخذ مأخذها من الشباب ، ومن يرضى ان ترتدى الملابس الفاضحة في حرم الجامعات والمعاهد من دون وازع ورادع ، هكذا هي سنة الله في عبادة متى تجاوزوا حدوده ، ابتلاهم بأشد انواع الابتلاءات ، لا كرهاً منه سبحانه لهم ، وانما حباً بهم ، ليرعوو ولتكون حياتهم طيبة.
ولشدة حب الله سبحانه لعباده سخر لهم كل شيء واعطاهم من النعم مالايعد ولايحصى ، نعم ظاهرة وباطنة ، وليس هذا فحسب وانما اعطاه القابلية على اكتشاف هذه النعم والاستفادة منها وهذا معنى قوله تعالى :- (( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ))
ولكن مما ينافي ارادة الله تبارك وتعالى في خلق هذه االنعم هو سوء استخدامها والتمرد على من ابدعها وخلقها وهداها وهدى اليها ، ومخالفة هذه الارادة له سبحانه نوع من الكفر بالنعمة والتنكر لمبدعها .
وفي الرواية الآنفة التي يرويها امامنا الباقر علية السلام عن جده رسول الله (بين صلى الله عليه وآله ) بين لنا خمسة مخالفات ، وخروج على ارادة الله وتعدي حدوده ، ان ادركها اي مؤمن فعليه الاستعاذة بالله منها ، واللجو اليه.
وهن خمس
الاولى :- ظهور الفواحش واعلانها
قال عليه السلام:- قال رسول الله (( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلونها الا ظهر فيهم الطاعون والاوجاع التي لم تكن في اسلافهم الذين مضوا ))
والمقصود بظهور الفاحشة واعلانها الزنا اشاعته واعلانه ، وظهور وارتكاب المنكرات الاخرى
وعقوبة ذلك المترتية على هذه الافعال ظهور الطاعون والاوجاع التي لم تكن معروفة ومتعارفة عند غيرهم من الاجيال ممن مضوا .
فأن الزنا تضييع لآلة النسل وتعدي على اعراض الغير ، وفي شرب الخمر ذهاب للغيرة والحمية ،فناسبه عقوبة الطاعون الموجب لأنقطاعه .
والثانية :- انقاص الاوزان والمكاييل
قال :- قال (ص) :- (( ولم ينقصوا المكيال والميزان الا اخذوا بالسنيين وشدة المؤنة وجور السلطان ))
فمن يتعدى على حقوق الناس وينقص الموازيين والمكاييل في البيوع يناسبه من العقوبة ان ينزل الله تعالى فيهم القحط وشدة الحصول على المؤنة وجور السلطان بأخذ المال منهم وغيره .
والثالثة :- منع الحقوق من زكاة وخمس
قال (ع) قال رسول الله ( ص) :- (( ولم يمنعوا الزكاة الا منُعوا القطر من السماء ولو البهائم لم يُمطروا ))
فعقوبة عصيان الله سبحانه بمنع ما اوجبه على عباده في مالهم الذي مال الله اولا من زكاة وخمس وصدقات واجبه اخرى ، التي حق للفقراء في مال الاغنياء ، هي منع المطر ، لان ما اعطاه الله للعباد بتوسط المطر فمن خلاله تأتي الخيرات .
وفي هذا المقطع عبارة تنبه الى امرٍ مغفول عنه وهي قول النبي ص ( ولولا البهائم لم يُمطروا )
اي ان وجود البهائم رحمة للناس وسبب لوصول فيض الحق تعال للعباد ، وذلك لان بقاء البهائم ونشؤها بالماء والكلأ وهو متوقف على نزول المطر من السماء ، فاذا نزل المطر رعاية لحالها وحفظا لنظام احوالها ، انتفع به بنو آدم ايضا .
كما دلت عليه حكاية النملة واستسقائها وقولها
(( اللهم لا تؤاخذنا بذنوب بني آدم ))
وكما ان عقوبة الله عزوجل قد تعم الابرار بشؤم الاشرار ، كذلك رحمته قد تعم الأشرار لرعاية الضعفاء والأخيار .
والرابعة :- نقض العهود
قال ع :- قال رسول الله (ص) :- (( ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله الاسلط الله عليهم عدوهم واخذوا بعض ما في ايديهم ))
وناسب نقض العهود من العقوبة لمافيه ترك للعدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو واخذ الاموال .
والخامسة :- الحكم بغير ما انزل الله
قال ع قال رسول الله ( ص) :- (( ولم يحكموا بغير ما انزل الله (عزوجل ) الا جعل الله عزوجل بأسهم بينهم ))
وناسب الحكم بغير ما انزل الله من العقوبة وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم على بعض بالتعدي والطغيان ، لان فيه رفض للشريعة وترك للقوانين العادلة .
ففي هذه الرواية تنبيه على ان لهذه الامور تأثيرا عظيما في نزول هذه البلايا وورود هذه المصائب لاستعداد اهلها بالانهماك فيها وعدم المبالاة بها لسخط الله سبحانه وعقوبته .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat