صفحة الكاتب : هادي التميمي

إستعدوا للموت في بيوتكم
هادي التميمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كم هو صغير ذلك الوحش الحقير الذي لايحترم كبيرا، ولايبجل شيخا، ولاإمرأة عاجزة ، بل ويتصرف مستهترا بالقيم الأخلاقية. فهو يتجاوز حدود الأدب، ويضرب كبار السن والعجائز والمرضى، والذين يفتقدون للمناعة اللازمة لمواجهة التحديات الصحية المنتشرة في العالم منذ أن وجدت الخليقة، وهو لايبالي بردات الفعل من الجميع لأنه في غاية الإستهتار والعجرفة والعناد، عدا عن كونه جزءا من معادلة الصراع الكوني الدائب، والذي يهدد الحياة، ويحول نعيمها الى جحيم، ولكنه يكشف عيب وزيف وعنجهية وفراغ عقول الكثير من الساسة والقادة والزعامات حول العالم الذين يفاخرون بطائراتهم ودباباتهم وجيوشهم، والتقنيات التي يملكون، والأموال التي يجمعون، والمناصب التي يستحوذون، والهبات والماديات التي تأتيهم فلا يشبعون، هو سر من أسرار الطبيعة التي تتفنن في مواجهة الإنسان وتحديه، وبمقدار مايحاول ترويضها تحاول هي الأخرى ترويضه، فتلعب معه لعبة الأنثى الماكرة، والذكر المشتهي، فيقعان على الدوام على وجهيهما، ويكتشفان أن الغيب أقوى منهما، وأنهما مطواعان لذلك السر العجيب.

دول العالم المترامية الكبيرة والصغيرة. الغنية والفقيرة، والناس أجمعون الصغار منهم والكبار، الأغنياء والفقراء، الشبعى والجياع، العراة والمكسوون بالحرير، وسواه من نتائج الطبيعة، ومفاخر الصناعة، الفنانون والرياضيون والساسة والمتدينون والملحدون، الشاكون بالله، والراغبون برضاه، والموحدون له، جميعهم في الدور واحدا بعد واحد، الجميع معرض لأن يفتح أبوابه للفيروس الصغير الذي لايحترم أيا من هذه التوصيفات، فيدمر الجهاز التنفسي، ويسافر في رحلة سريعة نحو الرئتين فلايعود ينفع دواء ولادعاء لأن الحكمة البالغة إقتضت أن يعم البلاء، وينتشر الوباء كإمتحان وإختبار لقدرات البشر ووعيهم وتفكيرهم ونضجهم وعنادهم، وسهولة أفكارهم، وتردي مطامحهم.

كأن صوتا يأتي من بعيد مناديا بالبشرية: أن إهجعوا في بيوتكم، وتقبلوا القرار، فلعلكم أن تنجوا، أو تموتوا، وليس لكم الخيار، فهناك من يتكفل بقبض الأرواح، أو أطلاق السراح، فمن كتبت له النجاة فهو ناج، ومن كتب عليه الفناء فهو فان، فلاتخيروا أنفسكم بماليس بأيديكم، ولستم أصحاب القرار فيه، وماعليكم إلا أن تستكينوا، وإن دخل عليكم الوباء فتقبلوا صحبته، وراوغوه، وعالجوه، فعسى أن تشفوا منه، أو أن لايصلكم أبدا ولايطيح بعزيز على أنفسكم فتفقدون أحبتكم، الذين هم أمثالكم ومثلكم ينتظرون ويخافون ويقلقون ويترقبون وينظرون نحو الباب والشباك بإنتظار الطارق، وماأدراك ماالطارق.

كورونا يطرق الأبواب جميعها، ويسافر عبر الطائرات ومن دونها، وعبر السفن ومن دونها، وعبر القطاارت ومن دونها، ولديه جواز دبلوماسي أخضر مزين بالتاج. فلاسلطة لأحد عليه لأنه الملك المتوج، وصاحب الأمر والنهي، ومن يقدر على رده وردعه هو ملك الملوك، ولكن ملوك الملوك له مشيئة لانناقشه فيها، بل نخضع لها، ونعلن الإستسلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي التميمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/15


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • إلى جلالة ملك الأردن ... أطردوا رغد صدام حسين والبعثيين من الأردن لأنهم رأس الأفعى في خراب بلادكم  (المقالات)

    • السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي ( إحذر ... فعبد الملك السعدي وكلية المعارف الجامعة وجهان لعملة واحدة أسمها ... داعش )  (المقالات)

    • الى المسؤولين عن المواقع الألكترونية ... إتقوا الله فيما تكتبون في مواقعكم  (المقالات)

    • أربعة عشر قرنا مضت على إختيار الإمام عليّ (عليه السلام ) العراق عاصمة للدولة الإسلامية  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : إستعدوا للموت في بيوتكم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net