صفحة الكاتب : عبدالاله الشبيبي

ظاهرة الطاغوت… صناعة ام ولادة؟…
عبدالاله الشبيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لقد تحدث القران الكريم في آيات عديدة حول مفهوم الطاغوت، وحذر المؤمنون من اتباعه والسير خلفه وان يجتنبوه وان يكفروا به فهو مصدر الانحراف والفساد والشر.
حيث قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). وقال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى). وقال تعالى: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). وقال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ)، فمنذ أن وجدت الخليقة على وجه الكرة الارضية بدأ الصراع والقطبية بين الرحمن والشيطان، الحق والباطل، الخير والشر، الصدق والكذب، الفضيلة والرذيلة، العقل والنفس، الايمان والكفر وهلم جرا.
اذ يقول صحاب الميزان: الطاغوت هو الطغيان والتجاوز عن الحد ولا يخلو عن مبالغة في المعنى كالملكوت والجبروت، ويستعمل فيما يحصل به الطغيان كأقسام المعبودات من دون الله كالأصنام والشياطين والجن وأئمة الضلال من الإنسان وكل متبوع لا يرضى الله سبحانه باتباعه، ويستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والتثنية والجمع.
فان أول جريمة سجلها التاريخ في ذلك الوقت حيث قَتل قابيل اخاه هابيل، فهو صراع مستمر الى قيام يوم الدين. وهذا الصراع يتولد تارة ويصنع اخرى، فأن عاش على أكتاف واحضان الخضوع والخنوع تولد ونمى وازداد طغياناً، وان عاش على انصار التملق والتزلق وفي جو الاستبداد والظلم صُنع طاغوتاً متجبراً متعال.
والامة بين فترة وأخرى يبرز فيها الزعيم الطاغوتي الاوحد والقائد الفذ والشخصية المثالية والاسطورة التي لا تهزم (بروح وبالدم) فأن غاب، غاب السلام والامان وضاعت الامة، فلابد أن يتم الحافظ عليه ويبقى ويستمر والا فلا!.
من الاسباب التي يراها السيد محمد باقر الصدر في تسلط الظاهرة الطاغوتية سبب اجتماعي نابع من التسلط الفرعوني على مر التاريخ اذ من مصلحة المنتفعين بالواقع أن يغمضوا عيون الناس، ان لا يدعوا الوعي يدخل الى ذهنية الامة، بل يحوّلوا هذا الفرعون، وهذا المتسلط الى اله الى مثل أعلى لا يمكن تجاوزه، فتتجمد الامة في حاضرها ولا تطمح الى التطلع عن مستقبل لها.. يوحي الى الامة والى الحركة ان لا يوجد غير هذا الموجود (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)، (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، أي ان الامة والجماعة والحركة يجب ان تتحرك في اطار رؤيته، يحول نظرته الى الواقع الى مطلق لا يمكن تجاوزه لأنه يرى في تجاوزه خطراً عليه.. ان هذا التجميد ضمن اطار الواقع الذي تعيشه الجماعة ينشأ من حرص أولئك الذين تسلطوا على هذه الجماعة على ان يضمنوا وجودهم... وهذا يؤدي بالمتسلطين او المتصدين لقيادة جماعة او حركة ما يؤدي بهم الى الطغيان فيطلق عليهم القرآن مفهوم الطاغوت.. قال تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى). المصدر: محمد باقر الصدر.. دراسات في حياته وفكره، ص465.
فقوله (رَبِّيَ اللَّهُ) يعني أن يكفر بما سواه؛ أي يكفر بالطاغوت والمجتمع الفاسد والانحرافات الفكرية، ويرفض الخضوع للأهواء والشهوات. فشرط المربوبية الحقة أن تعيش حراً مستقلاً، وأن لا تخضع لشهواتك وشهوات الآخرين، ولا تستسلم لقانون غير قانون الله عزوجل. المصدر: الابتلاء مدرسة الاستقامة، ص37.
كما ان القوة الايمانية تحفظ الانسان في أخطر لحظات الانحراف والانزلاق في الحياة وتمنع من سقوطه الايمان بالله قوة لا تغلب ولا تدحر، وملجأ لا يتحطم (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا). المصدر: الطفل بين الوراثة والتربية، ج1، ص366.
وقد حث القران الكريم على اجتناب الطاغوت بمعناها الواسع والذي يعني الابتعاد عن كلّ أشكال الشرك وعبادة الأصنام وهوى النفس والشيطان، وتجنب الانصياع والاستسلام للحكام المتجبرين الطغاة وغيرهم من الظلمة المستبدين. 
وعليه فأن ظاهرة الطاغوت ظاهرة استبدادية ظالمة قاتلة للنور متسلطة على الرقاب متعاليه على الاخرين، عوراء عما يحدث للامة، ماحية لعمل الخير ناكرة للجميل، متلبسة بلباس ابليس في الغواية والمكر والخديعة والشيطنة. فمتى تتحطم هذه الطاغوتية من صدورنا ونتحرر من التبعة العمياء لها، ونعيش الحرية بعيداً عن الطاغوتية الاستبدادية والزعامة الاوحديه والصناعة اللاهوتية والولادة الفردية، وأنت وبس. والحر تكفيه الاشارة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبدالاله الشبيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/16



كتابة تعليق لموضوع : ظاهرة الطاغوت… صناعة ام ولادة؟…
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net