معلم العراق.. على طفح من الكيل!
رحيم الشاهر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رحيم الشاهر

اتي أخيرا إضراب المعلم .. ليقول هذا صوتي فاسمعوه ،انا مقدسكم الأول ، علمكم كيف تكتبون الحرف، وكيف تعشقون الكلمات ، وكيف ترشقون العبارات ، وكيف تصدحون في محافل المنشدات ، علمتكم ان المجد ضياء ، وان الضياء شموس تلقى على أنامل الكفوف فلا تحرقها ، علمتكم كيف تهزمون الليل ، وكيف تنتصرون على الظلام ، علمتكم تقبيل المعاني ، فشممتم منها عطر زهور الضاد ، علمتكم كيف تلجون إلى مجاهيل الحياة ، وكيف يغلب العبد سيده ، فلا يكون لهذا وقد تعلم مايكون لهذا وقد جهل!، ومن أناملي : جاء طبيبكم ، ومهندسكم ،وقاضيكم، وعالمكم ، وزعيمكم ، وأميركم ، وشاهدكم ، وغائبكم ، وشاعركم ، وكاتبكم ، وعبقريكم وو00 الخ
وفي قيل الكثير ، لعل اكثرها نبوغا ماقاله شوقي:
قمْ للمعلمِ وفه التبجيلا |
|
كاد المعلمُ أن يكون رسولا |
أنا ثاني والد تعرفتم عليه بعد والدكم الأول في الأسرة ، هو أطعمكم رغيف الخبز، وأنا أطعمتكم رغيف العلم، فوجدتموني ضياء منيرا ، وكنفا حنونا ، كتب على ذاكرتكم اجمل الحروف ، وأسمى صفحات العطر، أنا من علمكم عظائم (الخلاق) ، وحب الوطن ، وتقديس القيم ، وحفظ الموروث ، والنظر طويلا في بسمات القرآن، والتأمل كثير في عصمة (محمد ص) العظيم، وعلمتكم ان الدول امجاد ، وان الأمجاد قصائد، وان القصائد ثورات ، وان الثورات أغصان من جمال سدرة المنتهى!، علمتكم ان الحكمة قبس سماوي لايجود به سوى ملائكة الأرض من المبدعين! ، علمتكم 00 علمتكم00 الخ
أنا قبل 2003 ، أعيش على الهامش ، افترش الحصير ، والتحف غطاء من حسير، دائي (عضال)، ودوائي محالْ ، وبعد 2003 بقيت ادور في فلك الهامش ، فأصابني من فقر الجميع مااصابني ، انا في بلد هو الثالث في احتياطي النفط ، والرابع في إنتاجه ، والخامس في إفساده علينا ، فهل انا مستفيد ؟، وهل أنا ممن اتخم ؟ليقال له من اين لك هذا؟لماذا لاتشرع قوانين خاصة بالمعلم ، تحمي حقه وتؤدلج دوره ؟ لماذا حرم حتى من قطعة السكن؟، فلا يعطى الا فتاة من هنا ، وآخر من هناك؟
ان نزيف المعلم يختلف عن أي نزيف آخر ، فهو نزيف بدني، وعقلي ، ونفسي، وحنجري ، وانفعالي ، لايطيقه غيره ، ولكن بعضنا ينظر له قياسا على ظاهره ، ولو أخذنا دوره الشقي ، لعلمنا كيف هي المرارة التي كان يخفيها علينا ، انه يحترق في كل يوم سبعين مرة ، لكننا لانرى في خلائقه نارا ، ولادخانا !
إن دول الحضارة والتقدم ، جعلت المعلم أقدس كائن لديها، لأنه وحده ينتج الأجيال ، وغيره ربما يستهلك الأجيال ، انه حقا دور رسالي فيه تحية الفضلاء (على) الفضلاء، ولكنه في العراق معلم الزهد ، فهل أقفلت خزائن غنى العراق، بعد ان جاع المعلم وهوى على دكة الفقر؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat