صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

أمطار سياسية
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

واضح جدا؛ أن العراق يشهد هذه الأيام أمطارا غزيرة، بعد مواسم جافة، إستبشر بها العراقيون، مع أمطار أخرى أخذت حيزا كبيرا من الإهتمام، تلك هي الأمطار السياسية، التي جاءت مبكرة بعد موسم الصيف الإنتخابي، الذي شهد حرارة لاهبة أحرقت صناديق الانتخابات !.

كانت الأمطار هذه السنة مبكرة على غير العادة؛ بعد سنوات ما كادت تسقط فيها إلا ما ندر، مما ولد حالة من الجفاف في معظم أراضي العراق، نتج عنه مشاكل كبرى في عملية توفير المياه الصالحة للشرب، وصراعات عشائرية على مياه السقي، ويبدو إن ذلك إنعكس على الحياة السياسية في العراق، التي ظلت تترقب ما تجود به السماء، دون الجلوس على الطاولة ووضع الحلول الناجعة، لمعالجة ما تمر به البلاد، من إتساع خطر الجفاف الذي بات يهدد حياة الملايين.

مثلما إختلفت كميات الأمطار في هذه الموسم، إختلفت أوزان الكتل البرلمانية بعد الانتخابات الماضية، وتغيرت المفاهيم السياسية، التي تدار من خلالها دفة الحكم في البلاد، فإنتقلنا من مفهوم الشراكة الى مفهوم الكتلة الأكبر، وتشكيل الحكومة بطريقة تختلف عن المراحل السابقة، مع الحفاظ على التوازن المكوناتي فيها، وتغير ثوبها السياسي الذي كانت ترتديه منذ خمسة عشر عاما، فقد إنتهى جفاف الأعوام الماضية، التي كانت مملوءة بغيوم سوداء لم تمطر إلا شرا على هذا الوطن، وجفافا شهدته معظم مرافق الدولة.

مشروع وطني من قوى مختلفة يتحقق لأول مرة في العراق، كتلتان تقاسمتا تشكيل الحكومة العراقية، المفترض بهما التنافس على أسس وطنية ومشاريع سياسية واضحة يسعيان الى تنفيذها، وليس على أسس مذهبية وقومية كما كان سابقا، والعمل على إستقلالية القرار الوطني، بعد زوال المسببات التي كانت تدعو الى التدخلات الإقليمية والدولية، لاسيما انتهاء الحرب على داعش، وتوجه العراق الى مرحلة جديدة من البناء والإعمار.

حكومة جديدة؛ متوقع منها أن تنهض بالوضع الاقتصادي للبلاد، وتتعامل برؤية جديدة مع الملفات العالقة داخليا وخارجيا، لاسيما بعد عودة الإقليم الى حاضنة الوطن، بعد زوال تداعيات إستفتاء الانفصال، وهدوء المظاهرات التي إجتاحت مدن البلاد، المطالبة بتحسين الواقع الخدمي والإجتماعي، وهو أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة، رغم عدم إكتمال فريقها الوزاري الذي ما زال يشكو نقصا بمقدار ثماني وزراء، بإنتظار التوصل الى إتفاق نهائي على إستيزارهم.

ما تحقق الى الآن شيء كبير في مسار العملية السياسية، حكومة جديدة تختلف عن سابقاتها، ذوبان التكتلات الطائفية والقومية، نضج المشروع الوطني الذي أنتج كتلتين تضمان مختلف المكونات السياسية، رؤية جديدة لإدارة الدولة لديها مشروع للبناء والإصلاح، رئيس وزراء جديد إتفق عليه الجميع، يملك رؤية إقتصادية واضحة للنهوض بالبلاد، والأهم من ذلك هو التوافق بين الكتل السياسية والإبتعاد عن سياسة التأزيم والتناحر، التي أدت الى الصراعات الطائفية والإجتماعية، وأدخلت البلاد في دوامة الإرهاب.

كما إن أمطار الخريف فيها العاصف والرعدي، ومنها ما جعل السيول تجتاح الوديان وشوارع المدن، كذلك فإن أمطارنا السياسية رافق بعضها صخب إعلامي، وفي بعض محطاتها كان هناك تصارع سياسي لفرض إرادات معينة، ولكن يقينا أن الأمطار في هذا المواسم سيجني ثمارها العراقيون بعد سنوات الجدب والجفاف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/09



كتابة تعليق لموضوع : أمطار سياسية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net