حكومة مابعد الانتخابات ،متى تولد وبأي مواصفات؟
ابراهيم العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابراهيم العبادي

متى ستتشكل الحكومة القادمة؟ ومن سيشكلها؟ سؤالان يؤرقان العراقيين جمهورا ونخبة، فذاكرة العراقيين السياسية القريبة تشعرهم بالخوف وتثير عندهم الهواجس من احتمال تأخر اعلان الحكومة والدخول في ازمة سياسية عودا على تجارب حكومات مابعد انتخابات 2006 ،و2010و 2014 .
العراقيون الذين انتخبوا والذين قاطعوا ،ارسلوا رسائلهم الى النخبة السياسية التي بيدها امر الحل والعقد ،فالمقاطعون قالوا لن نكترث كثيرا طالما ان المسار السياسي سيكرر نفسه بذات المواصفات والاعراض ،والذين صوتوا مارسوا حقهم على امل التغيير والاصلاح ،فساهمت اصواتهم مع احجام المقاطعين في استبدال وجوه سياسية والاتيان بوجوه جديدة جلهم من الشباب الذين لم ولن تتبلور شخصياتهم السياسية خارج قوالب الزعامات التي رشحتهم ،التجديد الذي انتظره العراقيون ليس في مغادرة بعض الوجوه لمنصة البرلمان ،بل في الخلاص من اسر قيود وخطوط حمراء،ومواقف وسياسات طبعت السياسة العراقية بطابع العسر والتعارض تنتهي بتوافق عسير واسترضاءات بالحصص والمواقع والامتيازات .
بظهور نتائج الانتخابات الاخيرة وانطلاق الحراكات السياسية بين الكتل ،بدت المسافة بين بغداد والنجف اقصر مما كانت عليه سابقا فيما بدت خطوط التأثير الخارجي ابعد مما كانت عليه سابقا بسبب تبدلات الخريطة السياسية التي انتجتها الانتخابات ، لم يكن بحسبان واشنطن وطهران اللتين تخاصمتا في كل شيئ الا العراق الذي كان يجمعهما بقاسم مشترك ،لم يكن بحسبانهما ان يتريثا قبل بدأ السباق السياسي للمساعدة في اخراج حكومات مابعد الانتخابات ،فهما معنيتان بالتنافس والتصارع لتاكيد الحضور الاقوى والاكثر تاثيرا ،هذه المرة سيكون عليهما التفكير طويلا ومراقبة مفاوضات زعماء الكتل والقوائم الكبيرة الفائزة قبل التدخل (للمساعدة)في التقريب بين المواقف المتباعدة ،امريكا التي تريد ابعاد النفوذ الايراني لن تكون مفتوحة اليد كما كانت سابقا لان من اعتمدت عليهم سابقا كالتحالف الكردستاني وائتلافات القوى السنية لم تعد بيضة القبان كما كان يسمى ،وطهران التي اشتهرت بحياكة موزاييك النسيج السياسي الشيعي لم تعد كما كانت مملؤة اليد مبسوطة التأثير ،ثمة نمو غير مرئي لممانعة عراقية تحتم على واشنطن وطهران انتظار الفرص لان العراقيين باتوا مقتنعين ان المساعدات المشروطة وغير المشروطة تحملهم اثمانا وتجعل ساحتهم محطة تقاطع نفوذ وسياسات ومصالح ،ومصلحة العراق تتطلب توازنا وحيادا ايجابيا ورؤية عميقة لمآلات الصراع في المنطقة ،ستكون مخرجات الانتخابات ذات قيمة ايجابية كثيرة على مستقبل العراق اذا نجحت الجهود بالاتيان بحكومة تخرج العراق من حالة التمثيل الحزبي على قاعدة المصالح التي تؤمن لكل حزب او كتلة مصالحها المادية والسياسية ،اولويات المواطنين معروفة لخصها مقال رئيس الوزراء في النيويورك تايمز بثلاثة ،مكافحة الفساد وبناء الاقتصاد وتحريك الخدمات ،وهذه لن تتحقق الا في ظل حكومة حازمة من ذوي الخبرة والرفض الحاسم لكل اشكال الحصص والاسترباح من المواقع الحكومية ،حكومة تديم سياسات محلية متوازنة واقليمية اكثر اتزانا وحكمة ،وعلاقات دولية تخدم بناء العراق وتؤمن الدعم السياسي والاقتصادي والامني ،مامن قائمة عراقية فائزة لاتتحدث عن هذه الشعارات ، لكن ترجمتها عمليا سيكون بالتنازل عن ثقافة الحصص والمواقع وتسهيل الاتفاقات بلا خصومة وعناد مستديم ولا ممنوعات على هذا الطرف اوذاك ،يتعين الخروج بحكومة وحدة وطنية تمثل الجميع ولاتنتمي حزبيا للقوى المتفاوضة على التشكيلة الحكومية بل يترك الخيار لرئيس الوزراء لاختيار التكنوقراط والشخصيات التي نجحت ولم تحول وزاراتها الى اقطاع سياسي -اقتصادي .
اما شخص رئيس الحكومة فانه الشخص الذي يستطيع أدامة و مراكمة الايجابيات والذي يصنع شرعيته من القدرة على تحقيق الانجازات ولايكون مكبلا بقيود وضغوط ماقبل الاستيزار . ثمة فرصة لتقليص وقت التشكيلة الحكومية بالاتفاق على برنامج الحكومة ليكون الاتفاق على شخص رئيس الحكومة يسيرا بالعودة الى مسطرة المهارات التي تحقق هذا البرنامج وبذلك ننتهي من الاشتراطات السياسية المعقدة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat