صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

لا تكتملُ البهجة إلا بحزن
علي حسين الخباز

الدموع تلهث وتلتهب الشجون والجميع يندفع نحو القرية بشغف كبير، دارت في رأس كل واحد منهم فكرة أن يجد بيته متهدماً؛ لكون هذه القرية عانت من عبث الدواعش دهرا، لم تسلم دار من التخريب إلا بقدرة قادر، اذا كان تحريرها أمنية فسلامة البيوت هي أمنية المصير. اندفع الجميع بشوق يبحثون عن بيوتهم، الفرحة لا تطاق، والحزن دهشة المصدومين بهذا الخراب الذي خلفه الدواعش، وقف الحاج مصطفى أبو عمار لينادي بأهل القرية: لا تحزنوا، سنعمرها، ونجعلها اجمل مما كانت عليه هذه القرية، الضرر بسيط والإصرار قوة تعمر كل ما هدمه الجناة. فعلاً.. استطاع هذا الرجل الوقور أن يلهب حماس الجميع، فشمروا عن سواعد الهمة لبناء البيوت بجهد جماعي، واستقرت الحال، قدر الناس هذه الوقفة الحكيمة التي ابهجت الجميع، وأعادت ثقتهم بنفسهم، إلا أن الحاج مصطفى قال جملة اقلقت اهل القرية:ـ (البهجة لا تكتمل إلا بحزن) ما الذي يقصده الحاج بهذه الجملة؟ جلس من يفسر ومن يؤول القضية، لكن الغريب في الأمر أن حالة الحاج فعلاً غمرها الحزن، وصار يعتزل الناس، وأحياناً يسمعونه يحدث نفسه.. تجول في ذهنه أفكار مسموعة، يراه أهله يبكي وحده، يقول ولده عمار: تقربت إليه لأعرف معنى هذا الحزن المحير، قال لي: يا ولدي هو الحاضر في يقظتي ومنامي، هو الحزن الذي رفع على هامته بهجة الناس والبيوت. بدمه أزهرت قريتنا وسلمت بيوتها وأينعت أشجارها، سأله عمار:ـ من هو يا أبي؟ أجاب الحاج مصطفى:ـ حين تم تحرير قريتنا، رأى الحشد الشعبي أن البيوت مفخخة، ولابد من معالجتها بواسطة التفجير عن بعد، وهي من أسهل العمليات ووسيلة آمنة، لكنه أبى هذا الرجل أن تهدم هذه البيوت، من أجل أن يعود الناس ليجدوا بيوتاً تأويهم، وسقوفاً تحميهم من حر ومن مطر. إنه يا ولدي خبير متفجرات، أصرّ على أن ينقذ بيوتكم، فرفع بروحه بؤر التفخيخ وعالجها ليعيش العالم من بعده بسلام.. هنا يا ولدي عند عتبة داري دعاه نداء التضحية، فلبى كي نعيش نحن بهدوء وأمان. لابد أن تذكروه بخير، وتديموا له المآتم كلما تنعمون بدفء، ويبدو أن الدنيا تضحيات لا تكتمل فيها الفرحة إلا بحزن، فاقرؤوا على روحه سورة الفاتحة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/11



كتابة تعليق لموضوع : لا تكتملُ البهجة إلا بحزن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net