صفحة الكاتب : اياد الجيزاني

الانسان والانسانية في مقولات اريك فروم
اياد الجيزاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنت اظن ان لم يخلق الله مثلنا في ايماننا و في المُثل التي نؤمن بها و ان العالم كله حطب لجهنم اما نحن فسوف نحاسب حساباً يسيرا ثم نساق الى الجنة.

و اظن هذا الفهم جاء نتيجة الحشو الثقافي المستمر في ادمغتنا الذي مارسته عوائلنا و محيطنا الاجتماعي.

و بطبيعة الحال فأن هذه النظرة الخاطئة جعلتنا منغلقين و منكبين على انفسنا لا نرى العالم الرحيب الذي خلقه الله برحمته و اودع في الانسان اسراره و صنع تنوعاته الفكرية و النفسية حتى لكأنها كبصمة الابهام لا تتشابه بين شخصين في هذا العالم مطلقاً.

لقد قرأت للكاتب اريك فروم حتى ظننته ناسكاً او قديساً او عالماً دينيا و ليس عالم نفس شهير و جعلتني كتاباته افكر كثيراً في الحكم على الاخرين خارج المحيط الذي اسبح فيه.

كتاباته هي دعوة انسانية تستبطن الدعوة الى العودة الى الله في شكل همس لطيف يمازج بين العلم بنسخته الاكاديمية و الصوفية المتقنة 

و اشد ما اثارني في كتاباته هو دعوته الانسانية الى استكشاف الحب في ضمير الانسان و جعله احد اهم القيم التي ترتكز عليها الانسانية استكشاف هذه القيمة التي معها سيعم السلام و تكبت النزعة العدوانية و الشرورية لدى الانسان .

حتى ان اريك يصاب بنوبة قلبية لأن مكارثي المرشح للرئاسة الامريكية و المناهض لحرب فيتنام خسر الانتخابات امام نيكسون الذي كان يرى استمرار الحرب

فقد كان اريك مندفعاً في الدعوة لحركة البديل الانساني و يرى ان الحروب تعبير عن العدوانية التي يجب مجابهتها بأشاعة الحب بين بني الانسان .

و كان يفسر مفردة الغريب على انها تستبطن عدوانية نتيجة تحيز الشخص في مجتمع قبلي او قومي و سيطرة هذا التحيز على عقليته ما يجعله ينظر الى الاخر على انه غريب وبالتالي ينظر اليه كعدو محتمل ينبغي الحذر منه و هو هنا يحاول تحطيم هذا الاطار وفتح عقل الانسان على عالم الانسانية الرحيب.

كما يتكلم عن غربة الانسان نتيجة تحكم الالة فيه و انه اصبح شيئاً من الاشياء في ظل سيطرة الاقطاعيات الصناعية و ان القيمة العليا له و المركزية التي حظي بها بعد عصر التنوير تلاشت بفعل كونه اصبح عبداً للالة بدلاً من ان يكون سيدها فاصبحت وثنه الذي يسجد له دونما وعي او بوعي حتى.

و لا تنفك محاولات هذا المفكر العظيم عن محاولة تفجير الكوامن الانسانية الخيرة و اعتبارها الحل لجميع مشاكل الانسان فهو يؤكد على ان لاوعينا يحوي طاقة عظيمة و امكانات كبيرة لو تسنى لنا التواصل بصورة صحيحة مع هذا العالم الخفي في ذواتنا.

و لا تقف ديانته اليهودية او مركزه الاكاديمي بوجه رسالته الانسانية فيرسل الى البابا رسالة في العام 1966 راجياً منه استخدام سلطته و تأثيره العالمي في عقد مؤتمر يناقش المخاطر المحدقة ببقاء الانسانية و يبقى يتواصل مع مجموعة من الاكاديميين و السياسيين للعمل من اجل نجاح هذا المؤتمر و يضع افكاراً عامة له الا انه لا يستلم اي رد من البابا

هكذا يلتهب قلب اريك حباً للانسانية وعطفاً عليها فيقدم القراءات الناصعة و الافكار الخلاقة و التحليلات العميقة و الدقيقة للنفس الانسانية وتجلياتها المختلفة.

و ما احوجنا الى توسعة افقنا لنرى هذه النماذج في العالم ونمد ايدينا لها لنصنع عالم اقل شراً و اكثر اطمئناناً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اياد الجيزاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/23



كتابة تعليق لموضوع : الانسان والانسانية في مقولات اريك فروم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net