صفحة الكاتب : د . عبد الهادي الطهمازي

نادر شاه ومؤتمر النجف للتقريب بين المذاهب
د . عبد الهادي الطهمازي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نادر شاه علي الأفشاري من أعاظم ملوك وسلاطين إيران، وصدق من سماه من المؤرخين نابليون الشرق، لما له من أهمية في تخليص عاصمة الصفويين أصفهان من الاحتلال الأفغاني، ثم بلغت فتوحاته الشرق والغرب.
كانت إيران في عصر ظهور نادر شاه قد انتهى أمرها الى التفكك، فالأفغان احتلوا العاصمة أصفهان سنة 1135هـ، وأخذ الروس كيلان، فولا نادر شاه لما كانت إيران على حدودها الحالية.
بدأ نادر شاه حياته كقائد محلي يدافع عن حدود منطقته، واتخذ من حصن كلات مقرا له، يقاتل فيه القبائل المجاورة ويخضعها تحت حكمه، فانضم إليه الكثير من عشيرته ومن التركمان والأكراد
ثم كلفه الشاه طهماسب الثاني بن حسين سنة 1722م بتحرير مشهد وخراسان من أيدي الأفغان، فتمكن من الانتصار على أعدائه بفضل شجاعته وكفاءته في قيادة الجيش، ثم ما لبث أن حلَّ محل القائد العام للجيش الصفوي فتح علي بعد مقتله.
وثم قام بقتال قبائل الأبدال الأفغانية جنوب مشهد فهزمهم، ثم توجه غربا نحو حوض بحر الخزر (قزوين)، فاستولى على مازندران وأسقط حكومة الحاكم المحلي هناك محمد علي خان.
التف نادر شاه بجيشه مع حدود العراق يفتح المناطق واحدة تلو أخرى فحرر المناطق الغربية من إيران، واضطر العثمانيون الذي كانوا يحتلون همدان والمناطق الغربية من إيران الى التراجع، وفي 27محرم من سنة 1134هـ دخل تبريز.
وفي سنة 1729م -1150هـ دخل في سلسلة معارك مع الأفغان تمكن من خلالها انتزاع العاصمة أصفهان من أيدي الأفغان، وأعاد إليها الشاه طهماسب ليتربع على عرش أجداده من جديد.
وفي سنة 1730م توجهت همة نادر شاه بتحرير مناطق غرب إيران التي كان قد احتلها العثمانيون أثناء انشغال الإيرانيين بالمعارك مع الأفغان، ولم تفلح المفاوضات بحل الخلاف بين الدولة وإعادة الأراضي المحتلة، فاضطر نادر شاه بالهجوم على همدان وتمكن من قتل القادة العثمانيين، واستولى على اسلحتهم.
انسحب العثمانيون من همدان الى كرمانشاه ثم دخول الحدود العراقية في خانقين، في حين توجه نادر شاه الى تبريز لتحريرها، فتمكن من الاستيلاء عليها وإلقاء القبض على القائد العثماني رستم باشا، وبعد وصول وفد يطلب الصلح والمفاوضات، فعقدت المفاوضات أوائل سنة 1732م في همدان، وعقد الصلح بين الدولتين.
وفي سنة 1735م دخل في صراع مع العثمانيين على مناطق شمال غرب إيران بلاد الكرج (جورجيا وداغستان وأرمينيا) فقاتل عبد الله باشا القائد العثماني في داغستان ومزقَّ قواته.
ومن هناك طلب من الناس تعيينه ملكا لهم، فألغي الحكم الصفوي وأصبح يدعى هو نادر شاه.
كان نادر شاه يشعر بضرورة تفعيل حالة التراضي والمقبولية بين المسلمين بعد انتخابه ملكا لسببين:
الأول: وقف الحروب المستمرة بين الإيرانيين والأتراك العثمانيين والتي كانت في أغلب الأوقات تشتعل لأسباب طائفية.
الثاني: نفس الشعب الإيراني الذي كان يحكمه كان فيه عدة طوائف إسلامية مختلفة فأراد أن يوحدها على قاعدة إرضاء جميع الأطراف بتقديم بعض التنازلات.
فقرر نادر إقامة مؤتمر في النجف لعلماء المسلمين ودعا له علماء إيران وسبعة من علماء أهل السنة في أفغانستان وسبعة من علماء السنة في بلاد ما وراء النهر (بخارى وبلخ) وغيرها من الأمصار الإسلامية، ولم يحضر المؤتمر كبار مراجع النجف، لكن حضره علماء الصف الثاني من الجنوب وكربلاء والحلة وغيرها، وجعل الشيخ عبد الله السويدي مفتي الديار العراقية آنذاك حكما بينهم.
عقد المؤتمر في رواق الحرم العلوي الطاهر، حيث جلس العلماء سماطين وبدأ النقاش بين الشيخ علي أكبر الشيرازي الطالقاني أحد كبار مراجع إيران يومذاك والسيد نصر الله الحائري أحد علماء كربلاء من جهة والملا هادي خواجه مفتي بخارى من جهة ثانية.
لكن من المؤسف أن نقاش هذا العالم تركز على قضايا جزئية كالمتعة وسب الصحابة وما شاكل ذلك، وبعد أن أوضح السيد نصر الله الحائري أدلة ذلك من القرآن والسنة، ونفى أن يكون للشيعة منهج في سب الصحابة، وإنما يفعل ذلك أفراد لا يمكن ضبط تصرفاتهم كما هو الشأن في زماننا الحالي، أقتنع الحاضرون بالأجوبة المقدمة، وتم التصالح بين الفريقين ورفع حالة التكفير واعتبر العلماء المذهب الجعفري مذهبا إسلاميا خامسا.
وقد نص البيان الختامي للمؤتمر على ما يلي:
1-تحريم قتل المسلمين بعضهم لبعض.
2-اعتبار المذهب الشيعي مذهبا إسلاميا خامسا.
3-تخصيص ركن لصلاة الجماعة للشيعة في الكعبة وتعيين أمير للحج من قبلهم.
وقد كتب مقررات المؤتمر بعدة نسخ أرسلت نسخة منها للسلطان العثماني ونسخة للشاه وأخرى لزعماء الأفعان، وأما النسخة الأصلية فقد أودعت في خزانة كتب الحضرة وهي موجودة الى الآن.
لكن ما يؤسف أن الدولة العثمانية رفضت اتفاقية الصلح التي أبرمها والي بغداد أحمد باشا مع الشاه، وضربت بمقررات المؤتمر عرض الجدار، وخير دليل على ذلك هو ألقاء السلطات العثمانية القبض على السيد نصر الله الحائري في مكة أثناء موسم الحج، وأخذ الى اسطنبول وسجن فيها حتى وافاه الأجل رحمه الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد الهادي الطهمازي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/27



كتابة تعليق لموضوع : نادر شاه ومؤتمر النجف للتقريب بين المذاهب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net