صفحة الكاتب : د . حسن خليل حسن

الغلظة السلوكية لدى بعض الشباب الجامعي
د . حسن خليل حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تُعدّ الجامعات منارة الفكر في العالم  وانموذج السلوك الراقي  وايقونة التحضر المدني، وتقاس سمو الامم بتراثها الفكري الخالد، ومخرجاتها الاكاديمية المعطاءة من علماء وباحثين ومبدعين ، و في الامم المتقدمة اضحى المجتمع الجامعي  هو الانموذج الصالح للفئات الشعبية والطاقة الخلاّقة للوعي الاجتماعي، عبر ما  يبثٌّ من  بذور ثقافية بين نويّات الفئات العمرية كافة، وبهذا فان المجتمع الطلابي الجامعي هو ركيزة البناء السلوكي القويم وبوصلة اجتماعية تقود الوعي المجتمعي عبر ما يجربه من عطاء فكري وعلمي ومن توعية ايجابية، وبهذا اصبحت المتابعة لدرجة الثقافة السلوكية والقدرات الفكرية في الجامعة من اولويات المهتمين والباحثين في علم النفس والاجتماع والتربية والتعليم.

      ويشهد العالم حالياً  طفرات سلوكية كبيرة منها الايجابي ومنها السلبي، بتأثير تلاقح الثقافات وعولمة الاخبار الاجتماعية وتعدد وسائل النشر الثقافي والتبادل المعرفي لكثرة وسائل الاتصال المتاحة للجميع، تلك المعجزة الرقمية التي ميّزت القرن الحالي، كما تعددت اوجه انتشار وسريان وتشارك المعلومة،       ويعد انفتاح المجتمع العراقي على العالم الافتراضي بواسطة وسائل التواصل التشاركية، وتعدد وجهات السفر السياحي الى اماكن  كثيرة في العالم مؤشر نحو الايجابية لو ارتبط بسلوك شخصي يعكس الاكتساب المعرفي للعادات المتحضرة  لباقي شعوب الارض.

        ونهدف من اسطرنا القليلة الى توضيح بعض الظواهر السلوكية الُحديثة في المجتمع الطلابي الجامعي، وهو استقصاء اولي لتشخيص بعض السلوكيات السلبية تثمل بالغلظة السلوكية لدى البعض الشباب الجامعي، مع وضع مقترحات ممكنة التطبيق على المدى المنظور للحد من تلك الظواهر، كما اننا نركز على الثوابت الاجتماعية السائدة في البنية الاجتماعية العراقية التي تعتز بتراثها الاسلامي، اذ اهتم الاسلام بالثقافة الجمالية واعتنى بتربية جسم الانسان واخلاقه وعقله وتكامله النفسي، وتوجيه ممارساته السلوكية كالنظافة والتبسم بوجه الاخر وحسن المعاملة مع البشر والرفق بالكائنات الاخرى، لتحقيق التوازن والاستقرار والسعادة على الارض وقد كان الرسول (ص) واهل بيته وصبحه الكرام انموذج لسمو السلوك والذوق الوجداني العالي  وللطافة بالرغم من البيئة الصحراوية القاسية والمحيط الاجتماعي القبلي الذي يمتاز بالغلظة والوحشية،  فهذا النبي الاكرم (ص) يضرب اروع الامثلة بالتهذيب والمروءة والعفو والاحسان والتعامل النبيل حتى قال الله تعالى في كتابه المجيد (وانك لعلى خُلقٍ عظيم)، كما ان الحضارة العالمية من حولنا تعطي الاخلاق والسلوك العقلاني المنضبط المكانة الابرز بين بني البشر على وجه الارض فهذا الفيلسوف الألماني ( كانت ) يقول ((شيئان ما انفكا يثيران في نفسي الاعجاب والاحترام ، السماء ذات النجوم من فوقي، وسمو الاخلاق في نفسي)).

      وبالرغم من هذه القاعدة الاعتقادية للسلوك القويم للمسلمين، والدعم الروحي والمعنوي للنصوص الدينية في التراث الاسلامي الذي اكد على انسانية الاخلاق كمصطلح عام للتعامل مع المسلم وغير المسلم وتعداه للتعامل مع غير البشر،  والنظرة السامية للعالم  حولنا  لإيجابية التعامل بين بني الانسان، الا أن مجتمعاتنا بشكل عام فيها ظواهر سلوكية غير مرغوبة، وعند استقصاء بعض السلوكيات في عينات من المجتمع الطلابي داخل اروقة الجامعات يظهر فيه ما يشذ عن  مبادى التحضر وثوابت العقيدة والتراث العربي والاسلامي،   ومن منطلق مسؤوليتنا التربوية تم تشخيص بعض السلوكيات السلبية والتصرفات غير اللائقة لبعض الشباب الجامعي العراقي نوجزها بما يلي:ـ

1ـ استخدام بعض الطلاب الجامعيين الفاظ غير محسوبة مع المخاطب وتظهر احيانا غلظة واضحة عند التخاطب مع  الهيئة التدريسية وموظفي الكلية.

2ـ بروز بعض اشكال السلوك العدواني في المشي او قيادة السيارات سيما مع ارتفاع المستوى المعاشي لأهالي بعض الطلبة. 

3ـ انتشار بعض الظواهر غير اللائقة كالتدخين العلني ورمي النفايات في غير الاماكن المخصصة .

4ـ التدافع والمزاح الجسدي واحيانا يحدث ذلك على مرأى ومسمع بعض افراد الهيئات التدريسية.

5ـ برزت مؤخرا ظاهرة التحرش واحياناً بكلمات منحطة داخل الوسط الطلابي الجامعي .

6ـ استخدام لغة تخاطب غير لائقة ومفردات نابية وبأصوات عالية ومسموعة و اصدار تعليقات غير مفهومة في الممرات والقاعات الدراسية، والحركة الرعناء او بشكل فوضوي .

7ـ استخدام الجوالات في تصوير بعض المشاهد  كتصوير الزملاء والزميلات واحياناً حتى الاساتذة خلال المحاضرة وبدون اذن.

8ـ افتعال مشكلات تأجيل الامتحانات للحصول على مكتسبات غير مشروعة في بعض المواد الصعبة والتأثير على الطلبة الاخرين داخل القاعة الامتحانية.

       ان ما تقدم من ظواهر لها آثار اجتماعية ونفسية بالغة الاثر في الوسط الاكاديمي ، اذ انها تقلل من الجو الدراسي المثالي والحضور الذهني الملائم، كما انها تتعارض مع قدسية الحرم الجامعي الذي يجب صونه والحفاظ على قدسيته، وبهذا نضع مجموعة من المقترحات التي نعتقد انها فعّالة في الحد من هذه الظواهر .

اولاً:ـ تفعيل المشهد الثقافي داخل الجامعي لتقويم بعض السلوكيات العدوانية لدي الطلاب وتهذيب الذوق الوجداني وتحريك مكامن الجمال السلوكي عبر بما يلي:ـ

1ـ اعادة فتح السينما الجامعية والتأكيد على استضافتها لأكبر عدد من الطلبة على ان  تعرض برامج وافلام تثقيفية تركز على الذوق والتعامل الانساني النبيل .

2ـ وضع برنامج ثقافي ترفيهي داخل اقسام الكليات وفي الاقسام الداخلية من قبل كلية الفنون الجميلة تهتم بالمسرح والفنون التشكيلية، مع تعزيز التربية الفنية المتقدمة في الجامعة .

3ـ تفعيل المسرح الجامعي واستضافة فرق فنية محلية وإقليمية وعالمية. .

4ـ تفعيل المواسم الثقافية والملتقيات الشعرية واستضافة بعض الشعراء  الادباء المرموقين داخل الجامعات والإعلان عنها. 

5ـ إدخال مادة  الفكر والثقافة في المراحل الجامعية كافة وتدريس مواد مكارم الاخلاق في التراث الاسلامي ونماذج الحضارة في العالم.

6ـ تشجيع النشر الثقافي المرئي داخل الاقسام العلمية والاهتمام بالإصدارات الثقافية للعلم وهي كثيرة جداً.

ثانياً:ـ  ضرورة بث الطاقة الايجابية للطلبة للشباب الجامعي عن طريق القيام بحملة تشجير وغرس الورود في حدائق وممرات الكليات لتهيئة المناظر البصرية الايجابية والجو البيئي الملائم للطلبة ، مع الحرص على عرض الملصقات التثقيفية والحرص على ادامتها وتجديدها .

ثالثاً:ـ استحداث هيئة الثقافة في جميع الكليات مؤلفة من طلبة يمتلكون قدرات ثقافية وادبية وفنية  بأشراف مختصين بالإبداعات الفنية والادبية.

رابعاً:ـ تعزيز الصلة بين الكليات  ودوائر الثقافة والهيئات الفنية والاعلامية للتعاون في اقامة الملتقيات الثقافية والمعارض الفنية والانشطة المرتبطة بها والاشراف عليها لتنمية الذوق الفني والادبي في الجامعات .

خامساً:ـ الاهتمام بالمناسبات الثقافية للعلماء وتواريخ ولادة الادباء والشعراء داخل الوسط الجامعي .

سادساً: مع ما تقدّم هنالك ضرورة لتفعيل القوانين الجزائية بحق السلوك العدواني والسلوك غير اللائق وتطبيقه في الجامعات .

أن الافكار اعلاه قابله للتطبيق بشكل تدريجي وهدفها تعزيز الثقافة السلوكية الجامعية حاضراً ومستقبلاً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حسن خليل حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/25



كتابة تعليق لموضوع : الغلظة السلوكية لدى بعض الشباب الجامعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net