مصطفى جمال الدين في ذاكرة النجمة المحمدية
د . عصام عباس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عصام عباس

تعود الذاكرة أولا يا أبا إبراهيم لتلك الأيام التي وجدتك فيها رجلا بما تعنيها الكلمة من معنى تأبى الضيم وترفض الظلم وقد وقفت هنا في دمشق يوما وقبل عشر سنوات من رحيلك أي في عام 1986م ضيغما ورجل عدل وحكمة لم توقفك الامتيازات فكان صوتك وهمتك وعزمك في الوقوف إلى جانب المظلوم فكنت حسينيا في وقفتك وموقفك إذ وقفت يوم تنحى القوم في ظلامة وجهت لعصام عباس الطالب الجامعي لا بل كانوا يهمزون ويغمزون ويدافعون عن الخطأ مسايرة للقوة والهيمنة وقتها ، وتمكنت على الأقل من رفض الظلم والسير بخطوات إيمانية واثقة ولم تقف متفرجا حتى تبين الحق واستعيدت الحقوق وهزم جبروت الظلمة وغطرستهم وهنا ارتاحت نفسك واستقرت سريرتك خلال أسابيع لان الحق لا يمكن أن تغلبه عنجهية الظلم مهما كانت قوى دعمه ..
ويوم أطلق عصام عباس عام 1992م / 1413هـ نجمته المحمدية فكرا وثقافة ومعرفة هنا في دمشق أيضا آزرته وشاركته وحضرت إلى مهرجاناته الأولى مستبشرا متأملا
لكن المرض حاصرك من إلقاء قصيدة فيها ، فانشغلت فيه وانشغل فيك إلى أن اختارك المولى إلى جواره بلطف اختياره وخلّصك من المرض ومن ألم الدنيا وهمّها التي لاحقتك ،
فذهبت وبقيت شهامتك وغادرت وبقيت مسيرتك وغاب صوتك وبقي شعرك تصدح به الجماهير ورقد جسدك وبقيت وطنيتك ..
أبا حسن .. كما وعدتك منذ بدايات النجمة المحمدية أن مسيرة ثقافة أهل البيت في عاصمة السيدة زينب ستسير بخطى ثابتة ومؤمنة وفي منتهى الهدوء والثبات والإيمان غايتها ترسيخ إنسانية الرسالات السماوية التي ورثها أهل البيت عليهم السلام ومنهم سيدة البيت المحمدي السيدة زينب عليها السلام ، إذ كانت الإنسانية أساس منهجيتهم ،
فرفعت النجمة المحمدية هذه الإنسانية الرسالية في سماء دمشق وجالت في ربوعها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ساعية إلى ترسيخها في واقع مجتمعاتنا وفي وسط جماهيرنا ومن اجل بناء أوطاننا ومنها وطننا العراق الذي بقيت عيناك شاخصتان إليه وتحلم ببناء عراق الإنسانية العراق الموحد لا فرق بين قومياته ودياناته وطوائفه –
أنا لست شيعيا لأن على فمي ذكـر الحسين أعيد بـه وأطنب
ولأن أمـي أرضعـتـني حـبـّّه ولأنـه لأبــي وجــدي مذهــب
المثقف الأكاديمي الوطني المؤمن هو العنصر البناء لهذا الوطن بعيدا عن الطائفية والحزبية و القومية ،
لهذه الرؤى رفضك نظام الجهلة وخرجت مقهورا من عراقك يا شيخ الأدباء
ووقفت شامخا هنا في دمشق تقاوم نظامهم المدحور لم يتوقف قلمك ولم تخلو قافيتك من عراق المثقفين والأكاديميين لا مكان للجهلاء والمزورين فيه ، عراق الوطنيين لا مكان للطائفية والحزبية فيه ، عراق الحضارات الخالدة لا مكان للجهالات والخرافات على أرضه ..
هذا الذي كنت تحلم فيه وكنا نشاركك حلمك هذا ونسعى اليوم مع شعبنا العظيم على تحقيقه بعون الله تعالى .
عراق يقف في وجه الظالمين ولا مكان لمن كان تاريخه حافل بالظلم في مؤسساته وسياساته طال الزمن أم قصر ..
يا أنت يا وطنا حملتُ ربوعَه في غربتي وجمعته بشتاتي
عيناك منبع رافديه وملتقى فرعيك خضر مروجه النظرات
ورأيتني وأنا بجلّق مالئـا سوق الشيوخ عليّ ست جهات
وطني رماد جنائن محروقة وأنا وأنت هنا رماد حياة
لهذا السبب وقف عصام عباس وسط دمشق وعلى منبرك يا " سيد مصطفى " عام 2008م ليعلن رفضه للظالمين ولسياساتهم الرعناء وبناء عراقنا الجديد وفق رؤى أهل البيت الإنسانية البعيدة عن الطائفية والتحزب والتكتل وسواها ..
فانتفض المسعورون من أزلام نظام الجهل وحقراءه المنهزمين ليواجهوا الكلمة الوطنية وهم لا يعرفونني ظنا منهم ولغبائهم السياسي المعروف ،
ظنوا أنني منتميا لأحد الأحزاب الحاكمة ولم يعرفوا أن كلمتي كانت من اجل عراق خال من التحزبات والتكتلات لكي لا نقع مرة اخرى في فخ الصنمية والقائد الضرورة والحزب الحاكم
ومن اجل شعبي وإنساني العراقي الذي اضطهده نظام العفالقة المقبور ولازال يئن من ضياع حقوقه إن لم يكن منتميا إلى حزب بعد سقوط النظام السيئ الصيت بعشر سنوات
ولكن العراق الوطن والشرفاء العرب كانوا لأقزام صدام المسعورين المنتفضين على كلمتي هذه بالمرصاد ،
فكرمتك النجمة المحمدية بدرعها الزينبي وتسلمه صديقك ابن سورية الشاعر الأديب مصطفى طلاس الذي وقف مؤدبا لسلوكيتهم وقال لي : " يا ابني ما كان يتربوا من اللي صار فيهم " واستلم باعتزاز درع النجمة المحمدية الخاص بالشاعر الأديب الراحل مصطفى جمال الدين
فبقيت نخلة العراق وفراته شامخا وأملا وطنيا راسخا في ذاكرتي وذاكرة نجمتي المحمدية
رحمك الله في ذكراك وأنت ترقد إلى جوار اللبوة الطالبية والعقيلة الهاشمية والنجمة المحمدية السيدة زينب عليها السلام وسط عاصمتها دمشق التي عرفتنا إخوة وسندا وناصرين وعرفناها أما وحاضنة وعاصمة منصورة بإذن الله ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat