ما ان أرى شجرة شامخة تنتصب وسط الأعاصير، وتغوص جذورها بين الصخور، حتى ينتقل ذهني مباشرة
اسمٌ تلألأ في تاريخ الإسلام، وشخصية فذة لمعت في سماء الرسالة، امرأة عظيمة سطع نجمها في دنيا الوجود
امتنعَ عن الطعامِ منذُ الظهيرة وما شربَ إلا القليلَ من الماء، تغيّرَ لونُه وبدا هادئا، لم أعُدْ أسمعُ ....
حبست أنفاسي، خفق قلبي، وتدافعت مشاعري، وعجزت عن وصف ألم فراقك كل كلماتي، حينما عصفت
بذل الدماء فداء وضحى بكل شيء متاح؛ ليعرج إلى قمم الكمال والفلاح، صان وجه الأرض أبيا وصرخ من وهج الشوق
كانت دموعها تسبق كلماتها، وتتعالى بين كلمة وأخرى آهاتها وزفراتها، وفي نفس الوقت كانت تبتسم باطمئنان
في ظروف عصيبة مرت بها رسالة السماء، هناك حيث احتدام الصراع مع جاهلية الأرض يوم انطمست
للهِ دُرُّكم يا آلَ عقيل، كبارُكم ساندوا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، وجادوا بكُلِّ
من قلب غار حراء، أشرقت رسالة السماء، وهبط الوحي بأمر الملك العلام، حاملًا بشرى
في غمرة السرور اختبأت لأذرف دمعة حارقة في ذكرى مواليد الطاهرين، فلربما يكون البكاء مستهجنا
رأيتُها على غيرِ حالها، تغرقُ في صمتِها، وخلف عينيها تتجمعُ الأسئلة، بادرتُها بالسلام ثم أردفتُ قائلةً:
أيُّ كلمة حب ووفاء؟! وأيُّ عبارة عرفان وثناء؟! وأيُّ رسالة شكر وتقدير؟! اهديها في يوم العيد
صحراءُ قاحلةٌ، أرضٌ جرداء، لا زرعَ فيها ولا ماء، شدَّ إليها الرحال أبٌ وأمٌّ وطفلهما الوحيد، الذي انتظراه
للهِ دُرُّكم يا آلَ عقيل، كبارُكم ساندوا الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، وجادوا بكُلِّ عطاءٍ جميل،
صباحُ العيدِ صباحٌ بهيُّ الجمالِ، تتعالى فيه أصواتُ الدعاءِ، ونلمحُ فيه سعادةَ الأطفال، وأما في بيتِ الشهيدِ
جدد ولاءك فيه الغدير وقل السلام على الأمير
إنّ الحديثَ عن التاريخِ المُشرقِ الوهّاج لآلِ البيت (عليهم السلام) هو من أجملِ ألوانِ الحديث، والكلامُ
غابَ وحُجِبت أنواره عن شيعته ومُحبيه، واكتوى بنارِ الغربة قلب مواليه، باتوا يتوسلون للمثول بين يديه،
