صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

صوت القبور؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنت في مهاتفة مع أحد الأساتذة الزملاء , وقد علق على حالنا بقوله : "الدنيا ذهبت إلى أعماق الكون الفسيح ونحن لا نزال نستمع لصوت القبور" , فقلت له: لقد منحتني فكرة تصلح لمقالة.

 

فواقع الأحداث والتطورات والتداعيات عبارة عن مشاكل ما بين أهل القبور , وكأن الأجيال المعاصرة تريد حلها وذلك بإنتحارها في بعضها البعض.

 

فلا حاضر ولا مستقبل , وإنما الجميع يصيخ السمع لأحاديث الذين في القبور , ويأتمر بأمرهم , ويردد أقوالهم , ويحسب الحياة قد توقفت أو أخذوها معهم , حتى لتجد الواقع وكأنه مصفد بهم ومأسور بأفكارهم وتصوراتهم , وأن الدنيا قد إنتهت بموتهم , وما عادت قادرة على التجدد والعطاء والتواصل والإنطلاق المتميز.

 

ترى هل أن الماضي رصيد قوة أم ضعف؟!!

 

المتعارف عليه بين شعوب الدنيا أن الماضي مَعين قوة , ورافد خبرة ومنارة إنطلاق نحو آفاق جديرة بالرقاء والتواكب مع عصرها ومكانها , وهو خبرات متراكمة تنفع الأجيال , التي كانت تستعين بذاكرتها عليها , وبعد إختراع الكتابة أخذت تدونها وتعود إليها لكي تقدر صوابية خطوها ومعالجاتها للتحديات التي تواجهها.

 

وهذا ما يثير إستغراب أمم الدنيا وقادتها , عندما ينظرون أحوالنا ويعرفون ما عندنا من خبرات متراكمة في ميادين الحياة كافة , حتى أن الرئيس الصيني "ماو" يُذكر أنه ضحك وتعجب من سؤال أحد القادة العرب الذي سأله النصح , فأجابه في وقتها , عندكم تراث زاخر وتجارب منيرة وتسألني النصح!! 

ومعنى قوله, أيها القائد إقرأ تأريخك!!

 

والمشكلة التي نحن فيها أننا لا نقرأ التأريخ , وإنما يُقرأ لنا من قبل الآخرين الذين يجدون فيه ما يساهم في تعزيز مصالحهم وتطلعاتهم الإمتلاكية لوجودنا بأسره , ووفقا لآليات التدمير والتحقير الذاتي والموضوعي.

 

ولهذا تم صناعة الموجودات المنفعلة المحشوة بالنظرة السلبية للتأريخ , والمندسة في الأجداث , فتجدنا أمام أجيال من الناطقين بلسان الأموات , والذين لا يعرفون سوى الإندساس في قبورهم وإخراجهم من رميمهم ودعوتهم لمقاتلتنا أجمعين , وهم حيرى , وقد ماتوا وما عادوا بقادرين على القول والقرار , لأنهم قالوا وقرروا , وعاشوا في زمنهم , وكانوا مصيبين أو مخطئين وفقا لظروفهم المكانية والزمانية , وما كانوا بمدركين لما يجري في العالم , فقرارتهم متفقة وما كانوا يعرفون في لحظة إتخاذ القرار , أما أن نزجهم في هذا العصر المعلوماتي الفياض , ونتوهم بأنهم يعرفون , ففي هذا جناية عليهم , وظلم وإعتداء , لأننا نريدهم أن يتفاعلوا مع ما لا يعلمون ولا يعرفون.

فهم بشر كأي البشر , ومهما أضفينا عليهم من المواصفات فهم بشر , وفي القرآن الكريم الذي يخاطب النبي (ص): "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ..."18:10

دليل على أن الإنسان مهما بلغ من شأن فلا يمكن تجريده من بشريته!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/21



كتابة تعليق لموضوع : صوت القبور؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net