صفحة الكاتب : رحمن علي الفياض

كتاب مطلوب أمنياً.
رحمن علي الفياض

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في بعض الأحيان يأخذ بعض الناس الحنين الى الماضي, نتيجة المأسي التي يمر بها الوطن, ونتيجة لسياسات النظام الجديد, وفشله في أدارة البلاد وتفشي الفساد المالي والأداري والمحسوبية وكان من نتائجه الحنين الى نظام القمع البعثي.
هل كان نظام البعث عادلاً حتى يأخذنا الحنين اليه؟ بكل تأكيد لم يكن في يوم من الأيام البعث الصدامي عادلا بين العراقيين سوى بتوزيع الظلم والأضطهاد فقط ولكن فشل الطبقة السياسية جعل البعث عادلاًفي نظر البعض.
في حالك الزمن الغابر كان لدينا مجموعة قيمة من الكتب الدينية والتاريخية, والتي كانت ملاذنا الوحيد, للأطلاع على تاريخنا الأسلامي وأحداثه السياسية وهي متنفس الأصدقاء في الأستعارة منا بعض تلك الكتب.
حركة غريبة لعناصر البعث في ذلك اليوم, يجبون الأزقة والشوارع ونظراتهم تطارد الصغير قبل الكبير,فأنتبنا شعور بشيء مجهول مخيف قادم, وفعلا كان الذي توقعنا, مساءا ذلك اليوم كان هناك أحد الأصدقاء المنتمين عنوة الى البعث في الأجتماع المسائي, طرق الباب خائفا يترقب, وقال بالحرف الواحد, حمله على الكتب.
لم أكن يومها أعرف أن الكتب مطلوبة للدولة وأن هناك حملة لمطاردتها, أخفوا كل مالديكم من كتب وأشرطة كاسيت لأن هناك حملة تفتيش واسعة في هذه الليلة, تستهدف المنازل التي عليها مؤشرات أمنية وبكل تأكيد كان منزلنا من البيوت التي عليها خطوط حمراء كونه يحوي خمسة أخوة فيهم رجل دين لم ينتموا لحزب البعث.
بسرعة كبيرة, حزمنا كنزنا الثمين في أكياس من النايلون, وحفرنا حفرة عميقة في حديقة منزلنا وأنزلنا الكتب داخل قبرها الجديد, وتم تسوية الأرض ورشها بالماء وزرع بعض الشتلات فوقها التي كانت لدينا في ممر الدار, ومرة تلك الليلة بسلام بعد مداهمة المنزل والعبث بمحتوياته دون العثور على الكتاب المطلوب أمنينا.
بعد فترة من الزمن ومدة تزيد على العام وبعد هدوء الوضع نسبياً, قمنا بحفر حديقتنا لأستخراج كنزنا المدفون, وهنا كانت المفاجئة والصاعقة علينا جميعا, فقد تلفت جميع الكتب وتحولت الى فتات ورق, نتيجة الرطوبة والخزن الغير صحيح الذي قمنا به, ضاع جهد العلماء الذي صرفوا عليه سنوات من السهر والتعب, وضاع معه أيضا ملايين الدناييرقيمة تلك الكتب في لحظة خوف ورعب.
الكتاب كان العدو الأول للنظام البعثي فطالما كان هو المطلوب رقم واحد بالنسبة لهم, وطالما تم أعدم الاف الشباب بسببه, وأنا أستذكر تلك الأحداث أستوقفني الحال اليوم وأنا أتصفح مكتبتي العامرة بالكتب والمجلات واتأمل قرائتها وأستمتع بالنظر اليها, وأستذكر مكتبتنا التي كانت مطلوبة أمنينا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رحمن علي الفياض
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/10



كتابة تعليق لموضوع : كتاب مطلوب أمنياً.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net