طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو! [١٦]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
والّا؛
أَوَّلاً؛ لا تحتاج المرجعيّة الدّينيّة الى مَن يُعلِّمها مسؤوليّتها، ولا تحتاج الى مَن يُعلمِّها واجباتها، ولا تحتاج الى مَن يُؤقّت لها! فلقد أَثبتت تجربة السّنين الـ (١٣) الماضية انّها الأحرص على تحمُّل المسؤوليّات خاصَّةً في الشّأن العام الذي يتوقّف عليهِ مصير البلد والمجتمع! في الوقت المناسب على وجه الدّقّة!.
انّ مواقفها وتوقيتاتها لا تتأَثر بالضّوضاء والحملات الدِّعائية، فهي عندما تريدُ ان تتّخذَ موقفاً لا تأخذ في الحسبانِ الّا الظّرف المناسب بما يُحقّق المصلحة العليا، والّا بعد ان ترى ان تدخُّلها باتَ واجباً شرعيّاً ووطنيّاً تتوقّف عليهِ المصلحة العليا فحسب!.
ولعلّ في تجربةِ الانتخابات بُعيدَ سقوط الصّنم وأزمة النّجف الأشرف وفتوى الجهاد الكفائي وإِسقاط أَحلام (الولاية الثّالثة) وغيرها أدلّة صارخة على هذه الحقيقة!.
ثانياً؛ ومتى تركت المرجعيّة الدّينيّة المجتمع تائِهاً لا يعرف تكليفهُ الشّرعي والوطني؟!.
انَّ كلّ من يمتلك ذرَّةً من الانصاف يُقِرُّ بأَنّها كانت ولاتزال الملاذ الآمن للمجتمع منذُ سقوط نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن، واذا كانَ ان صادفَ وقد [فسدَ] رأيها أحياناً فليسَ لذاتهِ أَبداً وانّما لخيانةِ مَن يدّعي التفافهُ حول المرجعيّة الدّينية وتعبُّدهُ برأيها وعدم التزامهِ بتوجيهاتِها وآرائِها وتصويباتِها، فعندما يكتشف المرجع الاعلى مثلاً انَّ [القائد الضّرورة] يكذب عليهِ فكيف تنتظر من رأيهِ السَّديد ان يصوِّب بالهدفِ المرسوم او يؤتي ثمارهُ؟!.
لا أُريدُ ان أُقارنَ هنا، ولكن أَوَليسَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أُسوةٌ وقُدوةٌ؟! أَوَليسَ التّاريخُ دروسٌ وعِبَرٌ؟! تعالوا نسمع، إذن، ما قالهُ الامام (ع) وهو يشرح معاناتهُ مع أَصحابهِ {يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! حُلُومُ الاَْطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبّاتِ الحِجَالِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ وَلَمْ أَعْرِفْكمْ مَعْرِفَةً ـ وَاللهِ ـ جَرَّتْ نَدَماً، وَأَعقَبَتْ سَدَماً.
قَاتَلَكُمُ اللهُ! لَقَدْ مَلاَْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً، وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظاً، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاساً، وَأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالعِصْيَانِ وَالخذْلاَن، حَتَّى قَالَتْ قُريْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِب رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلْكِنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِالحَرْبِ.
للهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحدٌ مِنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً، وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاماً مِنِّي؟! لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ العِشْرِينَ، وها أناذا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ! وَلكِنْ لا رَأْيَ لَمِنْ لاَ يُطَاعُ!}.
ثالثاً؛ ان المرجعيّة الدّينيّة، وحسب التّجربة والخبرة المتأتّية من المتابعة الدّقيقة لخطِّ سيرِها، لا تتدخّل إبتداءً، لانّ منهجيَّتها قائمةٌ على احترامِ الرّاي العام وفسح المجال لهُ ليُبدي رأيهُ وموقفهُ في الشَّأن العام، وهي تحترم رأي المواطن وصوت النّاخب أَيّما احترامٍ ليتحمَّل مسؤوليتهُ بشكلٍ مباشرٍ، وهو منهج مدرسة أهلُ البيت علَيْهِمُ السلام.
اذا ارادت المرجعيّة الدّينيّة ان تُبدي آراءها إبتداءً في كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ وحتّى في القضايا الحسّاسة، فهذا يعني انّها تُحدِّد سقفاً لكلِّ شأنٍ من الشؤون العامّة التي تخصّ الشّعب والمجتمع، ما يعني انّها ستُلغي مسؤوليّة الآخرين جملةً وتفصيلاً عندما تُلغي ارادتهُم وهو منهجٌ لم ولن تتبنّاه المرجعية الدّينيّة أَبداً، لانّهُ يتعارض مع منهج المسؤوليّة التي جعلها الله تعالى في عبادهِ والتي تستند على حريّة الارادةِ التي تُنتج حريّة الاختيار!.
فضلاً عن ذلك، فانّ المرجعيّة الدّينيّة تحترم عناصر الدّولة ومؤسّساتها، كما انّها تسعى جاهدةً الى تكريس أدوات العمليّة السّياسية بشكلٍ مُنتظم وبإصرارٍ ينمُّ عن ايمانِها بمدنيّة وعصرنة الدّولة، ولذلك هي تحرص جداً على ان لا تتدخّل في التفاصيل ولا تحسم المواقف الا اذا دخلت في إطار الدّائرة الحمراء! وعندها لا مناصّ من رأيِها!.
رابعاً؛ تأسيساً على ذلك فأَنا على يقينٍ من انَّ المرجعيّة الدّينيّة سيكونُ لها رأيٌ في تغيير قانون الانتخابات في الوقت المناسب، ولكن ليس قبل ان يتبلور كمطلبٍ شعبيٍّ عامٍّ تتطلّع اليهِ الاغلبيّة من العراقيّين!.
السّؤال هو؛
وكيف يتحقّق ذلك؟!.
*يتبع
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
نزار حيدر

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat