منذ عهد بعيد ، صاحبتني حرفة القلم ؛ فألفت عشرتها ، وجندت حروفي خدمة لمصلحتها ، وولاء عن طيب خاطر لما يمليه عني ضميري ، فلا متعة إلا في راحة البال التي ينشدها الجميع ، تعددت كتاباتي بين نثر وشعر ، وكان النقد مرايا تعددت أشكاله وفقا لأهواء النفوس البشرية ، مما جرح القريحة تارة وألهمها التحدي تارة أخرى ؛ فراحت الأفكار ترعى بمرتع الحوار دررا ليتبناها المتلقي بسلاسة في حرب نفسية على الذاكرة ...فمنهم من استغل نصوصي ذات النزعات الإنسانية للتشهير بشخصي ، وألحقت بي تهمة الذاتية،خدمة لأغراض سممها الحسد ؛ فلم يشفع لها لا الدم ولا الصداقة.............
ومنهم من كانت قراءته سطحية وموضوعية فاستهلك المصطلح جاهز ، وبخبث ماكر أجهز على التفاني بكسل أدبي؛ فأنتج نصوص اشترى بها ثمنا قليلا ، وهناك من أخذته جراءته فأدلى بها إلى الحكام ، لعله يبتر تأثيراتها على قرارات من أخذتهم أضواء الشهرة والوقوع في أفخاخ التكنولوجيا التي تلعب على المزاج العاطفي والنفسي للإنسان ، مما أجبرني الدخول في صراعاتهم ، والصبر كان المفتاح الذهني للولوج إلى غياهب أسرارهم ، التي كنت أقرأها بسهولة في سلوكهم ، وهذا الإعجاز العلمي في كلمة "اقرأ" فكل إنسان يعتبر كتاب ، فمهما اشتد إغلاقه وتعسرت لغته أو كان مفتوح وتميعت مفرداته ؛ فالنص الأدبي ممارسة رياضية ، تعمل على ترويض ذائقة المتلقي ، فكلما تكثف العمل على قوة البصر والبصيرة أصبنا
الهدف ، وتركنا ثغرة يخرج منها شعاع الحرية ، يعبث بجبروت فضاء من الظلام ،ونسر الحقيقة ينقر على صحيفة القضاء البشري شعار القصاص، ليرفرف بأجنحة الاحتراف ويرمي بحجر من سجيل على من يجهل سر العدالة الإلهية.

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!