الطفل هبة السماء بعد حرق 31 طفلا في مستشفى اليرموك
د. صلاح شبر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د. صلاح شبر

ولدت لي طفلة في بداية الثمانينيات عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة, في تلك المستشفى العائدة للدولة (مستشفى فقراء) بعد يومين مات طفل (أسود) اعتقد في أن أنه مصاب بالإيدز (كان الإيدز قد اكتشف توا) فضجت الولاية كلها ودعينا نحن طلبة الكلية المجاورة التي ترتبط بها المستشفى لتقرير ما يجب عمله فكان معظم الحضور يطالبون حاكم ووزير الصحة للولاية بالإستقالة, وفعلاً سقط سبع وزراء مع الحاكم (أدوين إدوارز).. بعدها قرر ريغن الرئيس الإمريكي مباشرة برفع مخصصات الصحة لهذه الولاية بنسبة لا أتذكرها.
وفي كندا في عام 1995 وجدت قطتان مقتولتان في منطقة أجاكس تورنتو, وفي الاسبوع نفسه وجد في كل يوم قطة مقتولة مرمية على الطريق... على أثرها حدثت ضجة كبرى أسقط فيها رأس نائب رئيس المقاطعة مع عناصر أمنية لا أتذكر عددهم بسبب إهمال رعاية قطط الناس.
في العراق, احترق 31 طفلاً في مستشفى تابعة الى الدولة حاولت الوزارة تبريره بصاعق كهربائي أو ما شابه فكان العكس, قويت الوزارة وقويت الحكومة وقوي دعاة الوطنية بشكل كبير أي بعكس ما هو متعارف عليه عالمياً.
أسأل العراقيين, هل منكم لم يتشرف برؤية مستشفى اليرموك..؟ أنها مستشفى مأساوية بكل ما في الكلمة من معنى, مرافق وسخة صالات تعبث بها الصراصير والحشرات والكلاب والقطط, غرف العمليات مفتوحة بدون تعقيم, أبنية مخالفة لقواعد البناء والصحة, أسرة لا تجد في قذارتها ما يشابهها في مستفيات العالم حتى مستشفيات الحرب الميدانية, الكادر الطبي نوعية غريبة من البشر لم أعهدها... أتكلم أنا ليس من باب الأوهام بل من باب التوثيق بعد أن حاولت جاهدا عندما كنت في مراكز القرار أن أصلح ما أتمكن من إصلاحه....
تسألني هل هي المستشفى الوحيدة في العراق تعيش هذه الحالة المأساوية..؟ لا أن كل الجهاز الطبي في العراق لا يتصف بالصفات العالمية للصحة العالمية ولا يمتلك شهادات تنفيذ أو شهادات خبرة (ISO) أو أو معايير عالمية أو ما شابه... فلا مقدمي الصحة (Provides) من الطبيب العراقي الى الشعاعي الى المختبري أو غيره يمتلك شهادة ممارسة (أنتبه) ممارسة وليس شهادة من جامعة أو معهد, ولا كل مرافق الصحة من مستشفيات وغرف عمليات تمتلك المواصفات العالمية, فكل فحوصات المختبرات ليست موثقة دوليا في العراق, وليس هنالك من مقدمي الخدمات ممن يمتلك شهادة التوثيق العالمي التي تعترف بها منظمة الصحة العالمية, فهو جهاز لازال كما كان منذ خمسين سنة, نعم هنالك أجهزة متطورة مثل (MRI, Linear, Gama Knife) أو غيره ولكن شأنها كشأن من يلبس عمامة ولكنه ليس بعالم.
المهم أكتب هذا الموضوع ولا ألوم فيه وزارة الصحة لأنها أعجز العاجزين ولكن ألوم فيه المنظمات الدولية وخصوصا منظمة الصحة العالمية (WHO) التي استهانت بالعراق.. لماذا استهانت بالعراق.......؟ لأن كادر المنظمة (سودانيين) الذي مقره الأردن همه الوحيد هو البيروقراطية ومحاباة الوزارة لئلا يغضب عليهم الوزير أو غيره فيأمرون المنظمة الأم بطردهم.....
ختاماً أقولها مرة بعد الألف.. ينتظر العراق كارثة صحية كبرى لا يعلم عواقبها إلا هو عندها سيهلك الأخضر واليابس, أعاذكم شعبي من ذلك........
أما كيف بقي الناس الى هذه المرحلة من الزمن أحياء.. لأنني بكل ثقة أقولها وبعد أن عجزت في الجواب على السؤال.. إنها فقط اليد الربانية لا غير..
الحل: ليس معقد أبداً.... نفصل الصحة عن السياسة, ونستدعي من هم أقدر على قيادة إدارة صحة العراق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat