في قاموس مَن يتجردون عن إنسانيتِهم لامكان لمفردات العاطفةِ و لاحيِّزًا يشغله الضعفاء ، فالبقاءُ للأقوى هو المنطقُ السائد عندهم ، واتخاذُ القرارِ يقومُ أولاً وآخرًا على أساس المصلحة والمنفعةِ لهم و لامجال يُعطى للمشاعرِ و الأحاسيس التي تحول بينهم وما يشتهون وإن كانت تُقامِ في سبيل ذلك المآتم وُتجرُ الذيول ، ومن ثمَّ فإن أردتَ صفاءَ العيشِ أو الاستمتاع بإطلالة نور الشمس أو بهاء ضوءِ القمر ما عليك إلا الموالاة لهولاء ، لكن ينبغي أن تعيَ جيدًا أن الكرامةَ و المباديء والقيم ستصبحُ أمرًا ثانويًا إن لم تكن خارج نطاق التغطية .
لم يعُدْحديثٌ يفوقُ حديثَ العالمِ بقدر الحديث عن هبوطِ وصعودِ أسعار النفط ، كونها تمثلُ الوارد الرئيس لإيرادات دولٍ عديدةٍ لازالت في طورِ النمو ، وشعوبُها كرّستْ مفهومَ التعويلِ على هذا المصدرِ الاقتصادي فحسب ، وكأنه يُرادُ لها أن تكون على هذه الشاكلة في طريقةِ التفكير لتبقى في دائرةِ التبعية الاقتصادية للدول المتحكمةِ بأسواق النفط ، فما أن تبدأَ أسعارُ النفطِ بالهبوط حتى تبلغُ القلوبُ الحناجر ويُساء الظنُّ بالله في تغليب إرادةِ المخلوقِ على الخالق حتى تزلزلُ الدولُ و الشعوبُ وينفثُ الشيطان على نارِ السوق لتبدأ بالاشتعال بنفطها ، فحينما بدأت مسيرة هبوط الأسعار حتى بلغَ دون ( 28 دولار ) وأنباءٍ متواترة ستصل به إلى ( 20 دولار ) إذا بها تتعافى بعض الشيء لتصل ( 31 دولار) بسبب اجتياحِ عواصف ثلجية الولاياتِ المتحدة الأمريكية.
هذه رسالةُ السماءِ مغلفةً بأعاصير البرد و الدفء عبر بريدها ( سنن الطبيعة ) ؛ محملةً بحنان الدفء لتكونَ أملاً للمستضعفين ولتُعيدَ لهم حسنَ الظّنِّ بها بعد أن فقدتها متأثرةً بعاملي العرض و الطلب ، وأن لايتجردوا عن قيمهم و مبادئهم الإنسانية لاهثينَ وراء لقمةَ العيش فحسب ، لأن الموتَ بكرامةٍ لهو أجمل وأعذب من العيش في ذلِّ التبعية الانسياقية للمخططات الشيطانية ، ومحملةً أيضا هذه الرسالة بصقيع الثلوج لتدقَ مسامير الألم في نعش الإمبريالية ، وأن هناك صوتًا أعلى من صوتهم و إرادةً أمضى من سيوفهم وتخطيطًا أحكم من مخططاتهم وأن الكلمة الأخيرة ستكون لها ، لكن الأهم من ذلك ماذا سنقرر نحن ؟ هل سنبقى ألعوبةً تتحكم فينا أنباء الصعود و الهبوط و تزداد غشاوة الضباب فوة قساوة القلوب ؟ أم أن كلمة الفصل ستكون لمن يعي حجم المؤامرة ، أنا أُؤمن أن الشعوب الواعية هي مَن تدفع حكوماتها نحو سياسة التغيير في الملبس والمأكل والمشرب فهلا اعتمدنا على أنفسنا بتنويع مصادر الرزق لنخرجَ من عنق الزجاجة ؛ إنها الوطنية بمعنى حبِّ الوطن في كل شيء والسماء تنتظر لتنصرَ مَن سينصرها وإلا انتصرت بمفردها وكنا خارج دائرة الانتصار.

التعليقات
لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!