صفحة الكاتب : عباس الكتبي

فلسفة البكاء على الإمام الحسين عليه السلام
عباس الكتبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسمه تعالى:(وتولّى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وأبيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم).
البكاء عند أهل اللغة: تارة يكون دمع يصاحبه عويل وصراخ، وتارة دمع فقط. 
البكاء: مظهر من مظاهر الأنفعال النفسي، وحسب الدراسات النفسية الحديثة، أنه يخلص الأنسان من كل أنواع الضغط النفسي، فهو جلاء للهموم وإلتماس للراحة، ورقة القلب، ونقاوة النفس، وهو أيضاً ملجأ كل مصاب يسلوا إليه، ويرى عزاءه فيه. 
يقول د. سالم الخفاف: للبكاء علم جديد، سميّ بعلم الدموع، وأنعقد أول مؤتمر له عام 1985، في الولايات المتحدة الأمريكية، تحت شعار:( إبك.. إبكِ تعش أكثر).
ثم قسّم الدموع إلى ثلاثة أقسام: طبيعية، ودموع التهيج، ودموع العاطفية. وهذه الأخيرة تشكّل 75% من مجموع الاقسام، و تحتوي على نسبة كبيرة من البرولاكتين، الذي يساعد على تكوين حليب الرضاعة وإفرازه، وذكر للبكاء فوائد طبية عديدة، فضلاً عن الفوائد النفسية. 
نقلاً عن بعض أهل العلم: ( أكد علماء النفس حديثاً بأن البكاء يجلي العقد النفسية لدى الباكين حتى أسست المقاهي الخاصة للبكاء، فجاء في جريدة السفير عدد 9837 عام 2004م أن جماعة من علماء النفس في الصين أسسوا مقهى للحزن في هونغ كونغ وأن المقهى يوفر لزبائنه البكائين المناديل ويهيئون لزبائنهم الفلفل والبصل لمساعدة الذين يرغبون في ذرف الدموع وتعزف الموسيقى الحزينة التي تعينهم على ذرف الدموع...لأن البكاء يخفف عنهم الكبت والإكتئاب... فأين العيب في البكاء يا أولي الألباب).
هذه الحقيقة التي ذكرها علماء النفس، وأكدتها الدراسات الحديثة، بأن البكاء متنفس للهموم، وملجأ للمصاب والمتألم، سبقهم فيها القرآن الكريم، وأشار إليها على لسان يعقوب النبي، بقوله تعالى:(قال إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)،والبكاء ثقافة قرآنية، ذُكر في بعض السور: كسورة مريم 58، وسورة الاسراء 109، وسورة المائدة 83، وسورة النجم 43.
بكى يعقوب على يوسف عليهما السلام سنين طويلة، حتى تعطّل عضو مهم من أعضاء الجسد( وأبيضت عيناه)، فهل هذا كان بدافع عاطفة الأبوة فقط، الجواب: كلا. فبكاء يعقوب كان لله عز وجل، لأنه كان يرى في يوسف أمتداد للخلافة والوراثة الألهية في الأرض، لذلك لم نرى أيّ أعتراض له من قبل الخالق. 
كي تعرف مدى الألم والهم الذي كان يحمله يعقوب عليه السلام، وقد استخدم البكاء وسيلة لترويج وإشاعة مظلومية يوسف عليه السلام، لكي لا تنسى على مر السنين، كان أحد علماء العامة جالساً مع أحد علماءنا، فدخلت المواكب العزاء و التطبير إلى حضرة أبي عبدالله الحسين عليه السلام، فأستنكر ذلك العالم السنّي، فأجابه العالم الشيعي قائلاً:حتى لا ينسى يوم عاشوراء كما نسي يوم الغدير!. 
الزهراء عليها السلام، أستخدمت نفس أسلوب يعقوب، في نشر مظلوميتها، ومظلومية بعلها الامام علي عليه السلام، كذلك الإمام زين العابدين عليه السلام، فالبكاء من أهم الوسائل، وأكثرها تأثيرا في المجتمع، لأيصال فكرة المظلومية، ورفض الظلم. 
يقول د. عادل الشافعي: البكاء نعمة من الله، لأنه اصدق تعبير عن المشاعر الأنسانية، فالطفل الصغير يبكي فتلبى حاجته، وهذا البكاء أداة تعبير وحيده، تعوضه عن الكلام والحركة. 
ختاماً نقول: لشيخ آل سعود، ومفتيهم عبد العزيز آل شيخ الأحمق البليد، الذي يعترض على إقامة الأحزان في يوم عاشوراء، ويصفها بالبدع، أن البكاء ثقافة قرآنية وعلمية، ويتخذها الشيعة لنشر أعظم مصيبة شهدها التأريخ، فالحسين يمثل الدين، ويمثل الله في الأرض، فعندما نبكيّ، لنا أسوة بالنبي يعقوب، الذي أصيب بالعمى، وكاد أن يهلك، نفعل ذلك من اجل الله عز وجل، ومن اجل الدين، وهذا ما وصّانا به آل محمد صلواته تعالى عليهم أجمعين، ورفضاً لظلم آل أمية، الذين تمثلهم أنت وأمثالك اليوم. 
فأن كان ما تقول أنه بدعة ـ وهو ليس كذلك ـ فنحن نحصل على منافعه النفسية والجسدية، كما أثبته العلم الحديث!. ً 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس الكتبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/29



كتابة تعليق لموضوع : فلسفة البكاء على الإمام الحسين عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net