بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{12}
تروي الآية الكريمة ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) , كان الكفار يقولون للمؤمنين :
1- ( اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا ) : ديننا , او طريقتنا .
2- ( وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ) : ذنوبكم .
فكان الرد عليهم في نفس الآية الكريمة ( وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ) , لكل شخص جرمه وجريرته , ( إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) , في مزاعمهم تلك .
وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ{13}
يستمر الرد عليهم في الآية الكريمة مضيفا ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ) , سوف يحملون اوزارهم واوزار من اضلوهم ومن حملوهم على المعصية , ( وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) , سؤال تقريع وتوبيخ , عن اباطيلهم وضلالاتهم التي اضلوا الناس بها .
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ{14}
تنعطف الآية الكرية لتذكر شيئا من قصة نوح "ع" ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ) , مما يروى ان عمره كان حينها اربعون سنة او اكثر , ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً ) , كل هذه الفترة يدعوهم الى توحيد الله تعالى وعبادته , ( فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ ) , طاف بهم الماء , فأغرقهم , ( وَهُمْ ظَالِمُونَ ) , لأنفسهم ولغيرهم , وايضا ظالمون لنوح "ع" ومن اتبعه من المؤمنين .
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ{15}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها ( فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ) , انجى الله نوح "ع" وكل من كان معه في السفينة , ( وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ) , آية ودلالة على قدرته جل وعلا وصدق وعده , ليتعظ بها غيرهم .
وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{16}
تنعطف الآية الكرية لتذكر شيئا من قصة ابراهيم "ع" ( وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ) :
1- ( اعْبُدُوا اللَّهَ ) : اخلصوا العبادة له وحده جل وعلا .
2- ( وَاتَّقُوهُ ) : خافوا عقابه وانتقامه .
3- ( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) : فأن عبادته وتقواه خير لكم مما انتم عليه من عبادة الاصنام .
إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{17}
يستمر خطابه "ع" لقومه في الآية الكريمة :
1- ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً ) : اوثان صنعتموها من الحجر وغيره .
2- ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) : تكذبون في تسميتها ألهه , وتدعون انهم شركاء لله , وتعتقدون شفاعتها .
3- ( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً ) : لا يستطيعون ان يرزقونكم .
4- ( فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ ) : اطلبوا الرزق من عند الله تعالى .
5- ( وَاعْبُدُوهُ ) : اخلصوا له التوحيد والعبادة .
6- ( وَاشْكُرُوا لَهُ ) : واشكروه على نعمه , ومنها الهداية في حال اختياركم لها .
7- ( إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) : يوم البعث والنشور .
وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ{18}
يختلف المفسرون في ان الآية الكريمة هي تكملة لقصة ابراهيم "ع" , او انها من خطاب النبي الكريم محمد "ص واله" لكفار مكة :
1- ( وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ) : ان كذبت بما جئتكم به , فقد كذب الذين من قبلكم رسلهم وانبياؤهم .
2- ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) : من وظائف الرسول البلاغ الواضح .
أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{19}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" موجهة سياق الكلام الى الكفار ( أَوَلَمْ يَرَوْا ) , ينظروا نظرة تفكر وتعقل وتدبر , ( كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) , كيف انشأ الله الخلق من العدم , ثم يعيده بعد فناءه , ( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) , فأن ذلك يسير عليه عز وجل , ولا يحتاج جل وعلا في فعله الى شيء .
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{20}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" موجهة سياق كلامها للكفار ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) , تحسسوا , تفكروا خلال سيركم في الارض للتجارة وطلب المعاش وغير ذلك , ( فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) , خلق من قبلكم , وما هو ماثل امامكم من الخليقة , وجميعه ماض نحو الفناء , ( ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ) , لم يتعذر على الله تعالى انشاء الخلق , ولا يتعذر عليه عز وجل اعادة انشاءه مرة اخرة , ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , هو جل وعلا القادر على كل شيء , لا يعجزه شيء او يتعذر عليه شيء سبحانه وتعالى .
يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ{21}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة ( يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ ) , يعرض للعذاب من شاء من خلقه , بجرمه وجريرته , ( وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ) , ويرحم من شاء بعد الايمان والتوبة والعمل الصالح , ( وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) , تردون , فيجازيكم بما عملتم .
وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{22}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة ( وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء ) , لا يمكن لاحد منكم ان يفلت من قبضته واقتداره , وان تواريتم في ارض او سماء , فأنه جل وعلا مدرككم اين ما تكونوا , ( وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ ) , ليس لكم من دونه جل وعلا مانعا لكم من العذاب , ( وَلَا نَصِيرٍ ) , ينصركم غيره جل وعلا .
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{23}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع مبينة ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ ) , الذين كفروا بآيات الاعجاز الرباني ولقائه يوم البعث , ( أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي ) , بسبب انكارهم البعث والجزاء , ها قد تقطعت عنهم سبل رحمته جل وعلا التي وسعت كل شيء , ( وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) , ليس لمن انقطعت عنه سبل الرحمة الا العذاب الاليم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat