كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

تأملات في القران الكريم ح290 سورة العنكبوت الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{12} 

تروي الآية الكريمة (  وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) , كان الكفار يقولون للمؤمنين : 

1- (  اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا ) : ديننا , او طريقتنا . 

2- (  وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ) : ذنوبكم .  

فكان الرد عليهم في نفس الآية الكريمة (  وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ) , لكل شخص جرمه وجريرته , (  إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) , في مزاعمهم تلك .   

 

وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ{13} 

يستمر الرد عليهم في الآية الكريمة مضيفا (  وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ) , سوف يحملون اوزارهم واوزار من اضلوهم ومن حملوهم على المعصية , (  وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) , سؤال تقريع وتوبيخ , عن اباطيلهم وضلالاتهم التي اضلوا الناس بها . 

 

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ{14} 

تنعطف الآية الكرية لتذكر شيئا من قصة نوح "ع" (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ) , مما يروى ان عمره كان حينها اربعون سنة او اكثر , (  فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً ) , كل هذه الفترة يدعوهم الى توحيد الله تعالى وعبادته , (  فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ ) , طاف بهم الماء , فأغرقهم , (  وَهُمْ ظَالِمُونَ ) , لأنفسهم  ولغيرهم , وايضا ظالمون لنوح "ع" ومن اتبعه من المؤمنين .      

 

فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ{15} 

تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها (  فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ ) , انجى الله نوح "ع" وكل من كان معه في السفينة , (  وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ) , آية ودلالة على قدرته جل وعلا وصدق وعده , ليتعظ بها غيرهم .    

 

وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{16}

تنعطف الآية الكرية لتذكر شيئا من قصة ابراهيم "ع" (  وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ) : 

1- (  اعْبُدُوا اللَّهَ ) : اخلصوا العبادة له وحده جل وعلا . 

2- (  وَاتَّقُوهُ ) : خافوا عقابه وانتقامه . 

3- (  ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) : فأن عبادته وتقواه خير لكم مما انتم عليه من عبادة الاصنام .  

 

إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{17} 

يستمر خطابه "ع" لقومه في الآية الكريمة : 

1- (  إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً ) : اوثان صنعتموها من الحجر وغيره . 

2- (  وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) : تكذبون في تسميتها ألهه , وتدعون انهم شركاء لله , وتعتقدون شفاعتها .   

3- (  إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً ) : لا يستطيعون ان يرزقونكم . 

4- (  فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ ) : اطلبوا الرزق من عند الله تعالى . 

5- (  وَاعْبُدُوهُ ) : اخلصوا له التوحيد والعبادة . 

6- (  وَاشْكُرُوا لَهُ ) : واشكروه على نعمه , ومنها الهداية في حال اختياركم لها . 

7- (  إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) : يوم البعث والنشور .     

 

وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ{18} 

يختلف المفسرون في ان الآية الكريمة هي تكملة لقصة ابراهيم "ع" , او انها من خطاب النبي الكريم محمد "ص واله" لكفار مكة :

1- (  وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ) : ان كذبت بما جئتكم به , فقد كذب الذين من قبلكم رسلهم وانبياؤهم .

2- (  وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) : من وظائف الرسول البلاغ الواضح .      

 

أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{19} 

تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" موجهة سياق الكلام الى الكفار (  أَوَلَمْ يَرَوْا ) , ينظروا نظرة تفكر وتعقل وتدبر , (  كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) , كيف انشأ الله الخلق من العدم , ثم يعيده بعد فناءه , (  إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) , فأن ذلك يسير عليه عز وجل , ولا يحتاج جل وعلا في فعله الى شيء .    

 

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{20} 

تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" موجهة سياق كلامها للكفار (  قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) , تحسسوا , تفكروا خلال سيركم في الارض للتجارة وطلب المعاش وغير ذلك , (  فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) , خلق من قبلكم , وما هو ماثل امامكم من الخليقة , وجميعه ماض نحو الفناء , ( ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ) , لم يتعذر على الله تعالى انشاء الخلق , ولا يتعذر عليه عز وجل اعادة انشاءه مرة اخرة  , (  إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , هو جل وعلا القادر على كل شيء , لا يعجزه شيء او يتعذر عليه شيء سبحانه وتعالى .    

 

يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ{21}

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ ) , يعرض للعذاب من شاء من خلقه , بجرمه وجريرته , (  وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ) , ويرحم من شاء بعد الايمان والتوبة والعمل الصالح , (  وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) , تردون , فيجازيكم بما عملتم .  

 

وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{22} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء ) , لا يمكن لاحد منكم ان يفلت من قبضته واقتداره , وان تواريتم في ارض او سماء , فأنه جل وعلا مدرككم اين ما تكونوا , (  وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ ) , ليس لكم من دونه جل وعلا مانعا لكم من العذاب , (  وَلَا نَصِيرٍ ) , ينصركم غيره جل وعلا .  

 

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{23}

تستكمل الآية الكريمة الموضوع  مبينة (  وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ ) , الذين كفروا بآيات الاعجاز الرباني ولقائه يوم البعث , (  أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي ) , بسبب انكارهم البعث والجزاء , ها قد تقطعت عنهم سبل رحمته جل وعلا التي وسعت كل شيء , (  وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) , ليس لمن انقطعت عنه سبل الرحمة الا العذاب الاليم .

طباعة
2015/08/16
2,658
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!