صفحة الكاتب : فلاح المشعل

العراق مابعد الفوضى ....!
فلاح المشعل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يرتهن العراق لواقع قياسي في درجة فوضى تهدد إمكانية بقاء الدولة ، أهم مؤشرات ذلك فقدانه النسيج السياسي الموحد في التعبير الحكومي ، ماجعل كل رئيس أو نائب أو وزير أوبرلماني أو سياسي وأن كان بدرجة " ثالثة " ، يعبر ويصدر بيانات وتهديدات،ويتدخل بالسياسة الداخلية والخارجية على نحو خطير .
الخطر الثاني ، إنكشاف الدولة على إفلاس إقتصادي مفضوح يهدد بوضع العراق في مراتب الدولة الفقيرة ونطاق مديونية الدول الفاشلة ، بمعنى الفساد الحكومي وصل ذروته في عدم قدرة الطبقة السياسية الحاكمة ، مراعاة الحد الأدنى من شروط الوطنية في الحفاظ على المال العام وإدخاره لوقت الأزمات ، وإذا ماوضعنا في الحسبان أن العراق بلد وفير بثرواته الطبيعية و بمصادر الطاقة ( النفط ، الغاز ، المياه ) ، فأن جريمة الفساد والسقوط السياسي تبلغ ذروتها في ما آل اليه الواقع العراقي من تقشف وتخسف مالي .
الحكومة العراقية وهي تخوض حربا ً ضد "داعش" الإجرامي منذ عام واكثر ، لم تستطع ان تبرمج وضعها على أساس إدارة حرب إقتصادية سياسية إعلامية ، بل استمرت مع هزال الوضع الإقتصادي، تعتمد الإسراف في الوظائف الوهمية وإبتكار طرق للنهب المالي والهدر الصارخ لواردات الدولة من قبل (قادة) الدولة ..! الأمر الذي وضعها بين مطرقة الالتزامات الباهضة لدولة بميزانية متضخمة دون أسباب عملية وإنتاجية ، ومطرقة نفقات حرب تستدعي ملايين الدولارات يوميا ، مع إنخفاض في واردات النفط وفشل صناعي زراعي إنتاجي في كل مناحي الحياة الإقتصادية .
هزال وفوضى سياسية ، إقتصاد مهدد بالإنهيار ، وضع أمني فاشل بإمتياز ، إنعدام فاضح في الخدمات الرئيسة مثل الكهرباء والماء والصحة في ظل مناخ قاسي وضاغط ، تزايد البطالة وغياب فرص العمل، عسكرة المجتمع وتزايد نفوذ السلاح ، واقع أعطى بيئة صالحة لفوضى عارمة وإحتجاجات وتظاهرات شعبية صارت تخرج عن نطاقها الدستوري الى ممارسات الفوضى الإنتقامية وإسقاط الحكومة ، كما حدث في البصرة وبغداد مؤخرا ً إذ قام المحتجون من قطاع السكك بقطع الطرق بواسطة القاطرات ، وهي ملك الدولة ، بما يعني سقوط هيبة الدولة في داخل شعور الفرد والمجتمع .
مايلفت الإنتباه ان مشهد الفوضى وانتشار الجريمة وتزايد مساحة وكثافة الإحتجاجات ، لاتلقى أهمية وإستعدادا لمعالجة المشكلات عبر خلية حكومية كفوءة في مواجهة الأزمات وإدارتها، بل تقمع بالرصاص والتبرير السياسي ، أو بالتنازل من الطرف الحكومي أو تترك على عواهنها .
نعيش في فوضى مدمرة، يقابلها غياب الحلول ،واقع ينذر بفلتان شامل وإنهيار كامل للعملية السياسية التي انعدمت فيها الرؤية الإصلاحية ، أو حتى القراءة الفصيحة لما ستؤول اليه الأمور ، مايجعل مشروع التغيير والثورة قائما ً ، والغريب أنه لايثير إهتمام غالبية السياسيين، في هذا الوقت الحرج ...!
ماهوالمقبل سياسيا ً في العراق ، أي مابعد هذه الفوضى الخلاقة ..؟ هل تخلق لنا إحتلال من نوع آخر، أم ثورة مسلحة تحت ظل ميلشيات تتقاتل كما في ليبيا ..؟ أم إنفصال للمناطق والمحافظات وتحول البلاد الى كانتونات شيعية وسنية تستقل عن بعض وتحارب بعض..؟
وهل ينحصر الدور الأمريكي بإخلاء السفارة الأمريكية في الخضراء وبعض عملائها المهمين ، كما يشاع في بعض وسائل الإعلام ...؟
هذه التوقعات لما بعد الفوضى ، ينبغي أن تشغل مساحات القراءة والتحليل السياسي لدى المختصين، بعد غياب قدرة الإصلاح على تجاوز مايحصل من فوضى وفساد عارم ، تتحمل مسؤوليته ونتائجه الطبقة السياسية التي تسلطت بالعراق منذ 2003 ..!
Falah.almashal@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح المشعل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/30



كتابة تعليق لموضوع : العراق مابعد الفوضى ....!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/07/30 .

السلام عليكم .
دق ناقوس الخطر .في البلاد نتيجة تردي الاوضاع الاقتصادية والامنية ..فيها نتيجة السياسات الخاطئة التي تتبعها السلطة التشريعية والتنفيذية في معالجة الامور .امر مسلم به .لاالقاء نقطة ضوء على خطورة الواقع الذي نعيش .مع تلاشي اي فرصة لمستقبل جيد .محاولات انقاذ مايمكن انقاذه من قبل المسؤولين تواجه عقبات كثيرة ...مصطنعه
فرص الحل وايجاد توافق سياسي قوي يصمد امام اثارة المشاكل وتازيمها .تكاد تكون معدومة ..والتوافقات السياسية بين الكتل التي تم على اساسها تشكيل الحكومة الجديدة .تواجه .مد .وجزر ...شبح التقسيم يخيم على الاجواء ..
العراقيون وحدهم قادرون على تغير قدرهم .وانقاذ مايمكن انقاذه من بقايا وطن .مزقته الحروب وسوء الاداره وفقدان الوطنية لدى البعض عوامل تنذر .بنشوء عاصفة هوجاء .سخلف اضرار كبيرة لايمكن حصرها .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net