كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

تاملات في القران الكريم ح101 سورة الاعراف الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ{65}

بعد ان تطرقت الايات الكريمة السابقة الى ذكرا موجزا من قصة نوح (ع) , عرجت الاية الكريمة وما بعدها الى ذكر هود (ع) , فدعا (ع) قومه الى عبادة الله تعالى ونبذ الاصنام والاوثان , وهذا اول ما يبتدأ به الرسل والانبياء دعوتهم . 

 

قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ{66}

تروي الاية الكريمة جواب قومه له (ع) , وذلك في موردين : 

1- التكذيب : كالعادة كل نبي يكذبه قومه , الاعم الاغلب منهم , ويؤمن به الاقل الاندر .

2- التهمة : كل قوم يتهمون نبيهم بما يتناسب مع معجزاته وطبيعة مهمته التبليغية , فكانت التهم الموجه لهود (ع) أثنين : 

أ‌) (  إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ) : السفاهة هي الجهالة وخفة العقل . 

ب‌) (  وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) : اتهموه (ع) بالكذب في دعوته .              

 

قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{67}

تروي الاية الكريمة رده (ع) لدرأ التهمة عن نفسه . 

 

أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ{68}

تستمر الاية الكريمة في نقل كلامه (ع) لقومه , وبين فيه وظيفته في محورين : 

1- (  أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي ) : التبليغ . 

2- (  وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) : النصح .                 

يلاحظ ان وظيفة هود (ع) هي نفسها كانت وظيفة نوح (ع) , حيث ان نوحا (ع) اجاب قومه بجواب مشابه ( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{62} ) , وهذا هو ديدن جميع الرسل والانبياء .        

 

أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{69}

الاية الكريمة تقابلها الاية الكريمة (  أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{63} ) الموجهة لقوم نوح (ع) , الصيغة والسياق نفسه , بزيادة : 

1- (  وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ ) : الطوفان اهلك جميع البشر , الا من كان في السفينة , فمنهم توالدت وتكاثرت الامم , حتى سمي نوحا (ع) ابو البشر الثاني بعد ادم (ع) , اجيال من كان في تلك السفينة استخلفوا الارض وعمروها , وتفرقوا في جميع الاتجاهات , وكان من بينهم قوم عاد , فيتساءل المتأمل , هل ان قوم عاد كانوا اول من طغى وتجبر بعد الطوفان ؟ , ام ان هناك من طغى من الامم قبلهم ؟ , ينبغي للمتأمل ان يبحث في التاريخ , وان يأخذ الايات الكريمة وترتيبها بنظر الاعتبار , حيث انها ذكرت نوح (ع) وقومه اولا , ثم عرجت على ذكر هود (ع) وقومه ثانيا ! .   

2- (  وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ) : طولا وقوة , الكثير من التساؤلات تغزو ذهن المتأمل , لماذا كان قوم عاد عمالقة ؟ , هل كان البشر عملاقا ثم بدأ حجمه بالضمور ؟ , ام ان عادا كانوا حالة استثنائية ؟ , اما اذا كانوا حالة استثنائية , فما السبب الذي جعلهم عمالقة وهم من اولاد ادم (ع) ومن ذرية نوح (ع) حيث لا فرق بينهم وبين غيرهم من البشر من جهة النسب ؟ , ينبغي للمتأمل والباحث تسليط الضوء على مثل هذه الامور ! . 

3- (  فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) : ذكر نعم الله تعالى من مسببات ومستلزمات الفلاح ! .                   

     

قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{70} 

تروي الاية الكريمة جواب القوم له (ع) , نستقرأها في ثلاثة مواقف :  

1- (  قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ ) : الوثنيون لديهم الهة متعددة , واصناما عدة , هذا ما ورثوه عن اباءهم , اعتادوا عليه وتمسكوا به , فنالهم العجب والاستغراب ان يكون الاله واحد فقط  لا اكثر , يستفاد من سياق النص المبارك , انهم استنكروا دعوة هود (ع) ! .   

2- (  وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) : هنا ينبغي ان يلتفت المتأمل الى ان من يدعوهم الى عبادة الاله الواحد هو شخص واحد (هود) , اما الالهة التي لديهم فقد ورثوها من اباءهم على مر الاجيال , ففضلوا كثرة الاباء على دعوة شخص واحد "هود (ع)" , ونبذوا وطمسوا العقل والفطرة ! . 

3- (  فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) : يقترح القوم ان يأتيهم العذاب الموعود , وبعبارة اخرى يستعجلوه ! .                 

 

قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ{71}

تروي الاية الكريمة رد هود (ع) على قومه في ثلاثة محاور : 

1- (  قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ ) : يروي النص المبارك , ان قوم عاد استوجبوا امرين : 

أ‌) (  رِجْسٌ ) : عذاب . 

ب‌) (  وَغَضَبٌ ) .      

2- (  أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ) : النص المبارك يشير الى اسماء اصنام و اوثان قوم عاد .

3- (  فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ) : انتظار حلول العذاب , فكان ( الريح العقيم ) ! .                  

 

فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ{72}

تروي الاية الكريمة ان الله عز وجل انجى هودا (ع) ومن معه من المؤمنين , كما انجى نوحا (ع) ومن معه في الفلك , اما الكافرين فقد استأصلهم الله تعالى (  وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ) , كما حدث لقوم نوح (ع) .   

طباعة
2013/03/25
3,335
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!