كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

ثرثرة عراقية (5)

1-      أطباء بلا قلوب

          في إحدى أماسي الصيف اللاهب في العراق الملتهب ، بان على وجه حفيدتي البالغة من العمر سنتين بقع حمراء و توزع خلال فترة قليلة جدا في أنحاء جسمها ، فانتشر الرعب في المنزل ودقت صفارة الإنذار ، فتوجهت بها الى منطقة الإسكان حيث مجمعات أطباء الاختصاص ، فدخلت إحدى المجمعات بعد قراءة اسم الطبيب المختص بالأمراض الجلدية ، وعند بابه سألت أحد الأشخاص عن الطبيب هل هو موجود ، وأنا مرعوب وشديد القلق للحالة المفاجئة للطفلة وهي تبكي ، فقال : لا ... الآن خرج . فعدت مسرعا إلى الخارج ابحث عنه ، عدت بالسؤال للحارس في باب العمارة ، هل رأيت طبيب الجلدية ، فقال : هذا خلفك لم يخرج من العمارة بعد ، التفت وأنا فرح جدا ، بالصيد الثمين انه مازال هنا ، فإذا بذات الشخص الذي سألته بباب الطبيب عن الطبيب وإذا به هو الطبيب ، و كتمت غضبي ورجوته بان يراها وهو في مكانه واقف ويقول لي فقط هل الموضوع خطر أم لا ؟ فكان جوابه لا يمكن ذلك ، يجب أن تأتي غدا وتدفع الكشفية فقلت الآن ادفع الكشفية وهو يسير وأنا خلفه ذليل أحمل حفيدتي ، تذكرت المثل القائل ( إذا كانت لديك حاجة لدى ال......ب فقل له الحاج .....ب ) ، فقال لي مبتسما بخبث واضح ( امبوسبول ) !! و تركني ورحل .

2- أطباء نا والانسانية

         بينما كنت أتعشى مع بعض الاصحاب في احدى مطاعم كربلاء المقدسة ، دخلت الى المطعم مجموعه من الاصدقاء ، وفيهم ثلاث اطباء ، جلسوا كلهم معنا على نفس الطاولات حيث دمجنا ثلاث طاولات لنكن معا ، فبدأ الحديث عن الامتيازات للأطباء من قبل الحكومة ، على الرغم من دخلهم العالي ، وخروجهم من مهنتهم الانسانية حيث لا يصلون الى المريض في بيته  مثل الاطباء في باقي الدول وايضا في السبعينات من القرن الماضي ، واستغلالهم المستشفى الحكومي والاهلي لمجرد الكسب المادي ، وكيفية انهم يدخلون في غرف الفحص من ثلاث الى خمسة حالات مرة واحدة ، وكيف في الخارج لا يفحص الطبيب اكثر من 20 حاله بينما في كربلاء تصل ما بين  70 الى 100 مريض في اليوم ، وهذا العمل له دلالة واحدة هو عدم الاهتمام بالإنسان وانما بجيبه ،  وهكذا الجدال ، وهم تارة يبررون و اخرى يهربون من الاجابة ، فقال لي احدهم : وهو من زملائهم ، هل تعلم : كم يدخل لهم يوميا (معدل لا يقل عن مليون دينار )  وللعلم ايضا أنهم لا يدفعون الضرائب ، فتم إعفاءهم منها ، ليهنئوا بدخلهم الوفير ، وهل تعلم :  لم اشاهد طبيب يدفع الايجار في وقته ، وهل تعلم : أن الاطباء في احدى المجمعات الطبية رفضوا ان يدفعوا للمنظف اجور التنظيف علما ان الاجرة ، في اليوم الواحد خمسمائة دينار فقط لينظف لهم مخلفاتهم ومخلفات المراجعين ، و هل تعلم : أن الطبيب له امتيازات لا يملكها اي فرد من الشرائح المتنوعة في المجتمع العراقي . سالت احد الاطباء : لماذا كل هذه الامتيازات ، اجابني : لأن عملنا انساني !ومرتبط بحياة المواطن ! فسألته : أين كانت الانسانية عندما أضرب عن العمل أطباء الطوارئ وتركوا الناس بين الحياة والموت ؟

وبقيت الاجابة معلقة الى حين .

3- أطباء آخر وكت 

          بينما دخل صاحب البناية ( المؤجر ) في نهاية الدوام ، لتفقد عيادات الأطباء في عمارته الطبية في منطقة الاسكان ليلا ، والتأكد من وضعها العام وخلوها من الجميع ، واذا به يسمع نقاش حاد و فيه نبرة الوعيد واضحة من الطبيب المختص ، و نبرة التوسل واضحة ، من قاطع التذاكر للطبيب ،  ماذا يجري ؟ سأل المؤجر : اجابه الطبيب : لا شيء مهم ، وسحب الطبيب ( قاطع التذاكر ) وادخله العيادة بقوة فاسترق المؤجر السمع من خلف الباب مضطرا لشكوكه بالوضعية التي رآها ...

قال الطبيب للفراش : كم راتبك اليوم .

اجابه الفراش : عشرة الاف دينار فقط .

قال له : حسنا اعطيني اليوم اجرتك ، واعطيك يوم غد عشرين الف .

 اجابه الفراش : دكتور انا اصرف كل يوم اجرتي (اتسوق بها) وكما قال المثل فوت لا يموت ، واعود في اليوم الثاني واستلم اجرتي واصرف على عائلتي ، وهكذا .

 فقال له الطبيب : مستحيل !! اذا لم تعطيني العشرة الاف اليوم لن تأتي غدا ..

اجابه الفراش : لماذا ؟

قال الطبيب : ( الشدة ) لكي تكتمل مليون ناقصة ورقة واحدة فئة عشرة الاف ، ولا اذهب الى البيت وهي ناقصة !!

قال الرجل قاطع التذاكر : (دكتور) انت لديك 990الف وتأخذ مني الورقة الوحيدة التي لدي .

 أجابه : (بحدة) نعم وليس هناك طريق اخر . هنا تألم صاحب البناية (المؤجر )، ففتح الباب ، واعطى الرجل المغلوب على أمره ، ورقة من فئة (عشرة الاف دينار ) وقال له اعدها لي غدا ،وقال له مستدركا : كيف تقبل أن يذهب الطبيب الى البيت ولديه نقص !!!!!

كربلاء المقدسة

طباعة
2012/10/01
3,979
تعليق

التعليقات

يوجد 19 تعليق على هذا المقال.

1
هاشم هيكل من •
الى السيد جمال الشهرستاني لابد اولا ان تكون عندك روح رياضية خالية من التشنج حتى يكون ردك الطف واما ثانيا ان كل ماتكتب هو موجود فعلا والكل يرى بام عينه ويلمس بيديه الحالات الكثيرة من الفساد الاداري والمالي.فهل التشخيص للحالة هو الحل ... او عندما تكتب ويكتبون سيرتدع المفسد ... او ان الهيآت ذات العلاقة ستشمر عن ساعدها وتهرع للمكان المشخص او الموضوع المعني ... فانت وغيرك كثيرون قد كتبتم و منذ سنين فماذا كانت النتيجة من سيء الى اسوء وسياتي اليوم الذي يكون فيه المنكر معروفا والمعروف منكر فياترى مالسبب في ذلك . واماثالثا فانا لم اقصد الكاتب وانما كنت اقصد اصحاب التعليقات ذات الطابع الانتقادي ... واخيرا اتمنى منك ان تدلني على الموضع الذي كان فيه انهزامي او الدليل الذي يبثت اني منهم حتى يكون الترجيح الذي ذكرته له قيمة وعلى كل حال اساله تعالى لك وللاخوة التوفيق .
2
جمال الدين الشهرستاني من •
بسمك اللهم
تابعت منذ فترة تعليقات الاخ هاشم هيچل وعجبت منه فهو دائما يعترض على كتاباتي عندما اوضح مسالة فساد او أشخص حالة خراب او تخلف في المجتمع ، فهل تريد اخي ان نقف ونصمت على ما موجود حتى نصل الى القاع ونترك السيء والفاسد وهذا له دلالات اما جنابك منهم او من النوع الانهزامي الذي يخاف المواجهة وفي الحالتين هي حالة سلبية ، ثم العجيب تعود وتقول انها مسؤولية المثقف تكون في المقدمة ,, مقدمة ماذا ؟؟؟
3
عدنان عباس سلطان من •
مفارقات مؤلمة من الواقع مع الاسف