الأرض التي فضحت السقيفة
ام ابيها الحسين 

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما تُذكر فاطمة الزهراء (عليها السلام)، لا بد أن تُذكر فدك.

فالقضية ليست بستانًا ولا نخيلًا، بل مظلوميةٌ ممتدةٌ من ترابٍ إلى سماء، ارتبطت ببضعة رسول الله كارتباط السيف بغمده، لا تنفصل عنها، ولا تُفهم إلا من خلالها.

فدك، تلك القرية الخصبة التي تفجّرت فيها الأنهار، وازدانت بثمارها المتنوعة، تقع بين مكة والمدينة، لا تبعد عن يثرب إلا يومين.
كانت تدرّ على خزانة الدولة أكثر من مئة ألف دينار سنويًا.

لم تُفتح بسيف ولا بخيل، بل صالح أهلها النبي (صلى الله عليه وآله)، فصارت ملكًا خاصًا له، لا حقّ لأحدٍ من المسلمين فيها، لأنها لم تكن من الغنائم.
فإذا بالسماء تأمر، وجبرائيل ينزل على رسول الله قائلًا:

﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ﴾

فيتساءل النبي، وهو العليم، لكي تُعلّم الأمة:

“يا جبرائيل، من ذا القربى؟ وما حقه؟”

فأجابه:

“القربى هي فاطمة، وحقها هو فدك.
إن الله يأمرك أن تعطي فدك لفاطمة.”

فأعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدك نحلةً في حياته، واستلمتها الزهراء، وكانت يدها عليها، وعمّالها يعملون فيها، دون منازع.

لكن ما إن غاب جسد النبوة، حتى ظهرت أنياب السقيفة، لا لتغتصب الخلافة فحسب، بل لتخنق بيت الوحي ماليًا واقتصاديًا.
فكانت فدك أوّل ضحيةٍ لسياسة تجويع أهل البيت (عليهم السلام).

جاء الخليفة الاول، وأخرج عمّال الزهراء، وقال:

“أنا خليفة المسلمين، وفدك يجب أن تكون تحت تصرّفي.”

فذهبت فاطمة تطالب بحقّها، فقالت:

“إنها نحلة أنحلنيها رسول الله، كيف تأخذونها مني؟”

قالوا: “نقلناها إلى بيت المال.”

فقالت: “أعطوني إرثي من رسول الله.”

فقال الخليفة “سمعت النبي يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث.”

فقالت:

“أتُكَلَّمُ أنت بحديث الإرث عن رسول الله، ولم يُكلّمني أنا؟!
هذا الحديث يخالف القرآن، وما كان أبي ليُخالف كتاب الله.”

ثم تلت الآيات:

﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾
﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾
﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾

لكنهم أصرّوا وقالوا: “هاتِ شهودًا.”

فقالت: “أأُطالب بشهود على أرضٍ كانت يدي عليها في حياة أبي؟!”

ومع ذلك، جاءت بشهودها:
علي أمير المؤمنين، الحسن، الحسين، وأم أيمن، التي شهد لها رسول الله بالجنة.

لكنهم ردّوا الشهادات كلها.

قالوا:
• عليّ يجرّ النار إلى قرصه.
. الحسن والحسين طفلان (وقد بايعهم النبي وقال: إمامان قاما أو قعدا)
• وأم أيمن أعجمية لا يُعتدّ بقولها.

وهنا تتجلّى قمة الظلم، وقاع الخساسة.

في اليوم التالي، دخل أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) المسجد، وكبيرهم على المنبر، فقال له:

“، أتحكم فينا بغير كتاب الله؟”

قال: “لا، بل بكتاب الله.”

فقال له الإمام:

“أخبرني: لو جاءك قومٌ يشهدون على فاطمة بأنها ارتكبت فاحشة، فماذا تفعل؟”

قال: “أقيم عليها الحد.”

فقال الإمام:

“إذًا، فقد كفرت بالله.”

قال: “وكيف؟”

فقال:

“لأنك رددت شهادة الله لها بالعصمة والطهارة، وقبلت شهادة الناس ضدها.
قال الله تعالى:
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾
فكيف ترد شهادة الله، وتقبل شهادة البشر؟!”

وفي هذا السؤال، كشف الإمام عليّ (عليه السلام) خساسة وبغض السقيفة لأهل بيت النبوة.
لقد فضحهم بذكاء، حين أراهم تناقضهم: يقبلون شهادة الناس إذا كانت ضد فاطمة، ولو كانت في عرضها، لكنهم يرفضون شهادة أهل العصمة في أرضها وحقّها!

لقد انكشف زيفهم، وبان عداؤهم لمحمد وآله.
فدك لم تُغتصب لأنها أرض، بل لأنها كانت في يد فاطمة.
ولو كانت لغيرها، لما طالبوا بشاهدٍ ولا أخرجوها منها.

وهكذا، بقيت فدك شاهدًا حيًا على مظلومية الزهراء، وصوتًا مدفونًا تحت أنقاض التآمر، ومفصلًا من مفاصل الحقيقة التي لن تُنسى.

فدك كانت امتحان الأمة… فسقطوا فيها
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ام ابيها الحسين 

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/22



كتابة تعليق لموضوع : الأرض التي فضحت السقيفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net