صفحة الكاتب : منتهى محسن

حين تحدّثني قطرة دم
منتهى محسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كقطع جذور شجرة عملاقة من أديم الأرض الصلبة، شعرتُ لوهلة بذلك الإحساس.
ولو أنها لم تكن إلا دقائق، لكنها كانت طويلة في عمر الحسّ والإدراك.
وبين مقبض الطبيب وغرز الإبر الموجعة، تتقافز نبضات القلب، وتتسارع الأنفاس، وتصبح الحياة ألماً كبيرًا معبّأً بالأوجاع.

وهنا، وفي طريق الرجوع، تساءلتُ في قرارة نفسي المتشظية ما بين همّ الدنيا وهمّ الآخرة، قائلة:
يا الله، تجربة بسيطة نمرّ بها جميعًا، نُربك فيها وكأنها دهرٌ كامل.
ألمٌ مؤقّت، تسودّ الدنيا في أعيننا حينه، يسلب الراحة، ويغتال الطمأنينة، ويُغادرنا الأمان.

شعرتُ بالدوار الشديد حالما اجتُثّ السن من أعماق الفم، وكأنّ روحي كلّها كانت محشوةً في ذلك المكان الذي اقتُلع للتو.
أطبقتُ فمي بقوة على موضع القلع، وكأنني أتشبّث بالحياة التي أحسستُ بأنها كادت أن تغادرني في تلك اللحظات.
ومضيتُ في خطوات العودة، والقطن يعبّأ في فمي، ويغرق في بحر الدماء.
لم أشعر كيف تساقطت بعض القطرات على ملابسي، وتناثرت على صفحات أرض العيادة الملساء.

هنا، وقفتُ قليلًا أمام منظر الدم الأحمر القاني، وطافت في أروقة الذكريات تلك الدماء الزاكيات.
نعم، ذلك الدم، وإن خرج مني، كأنما استعار لونه من ذاكرة مثقلة بالوجع، من طَفٍّ ما برح يسكنني...
هناك، حيث ابتدأ الألم الأكبر، وارتفع الوجع إلى مرتبة القداسة.

فلطالما استفزّني ذلك المنظر، وقاد مخيلتي عنوةً إلى يومٍ تخلّد في رحم الوجود أبد الزمان؛
حيث الرؤوس المقطعة، والأجساد المضرجة، والدماء الزاكيات التي انغرزت في عرصات الرفض والإباء.

هكذا فارَ تنّور الوعي، المستقطَع من أبسط المواقف والأحداث،
ليُترجم المشاعر، ويتدفّق بعنفٍ من وحي ملحمة سيد الثوّار،
الذي ارتفع دمه الشريف ليكون رايةً، ورمزًا، ودربًا للعاشقين الأحرار.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


منتهى محسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/22



كتابة تعليق لموضوع : حين تحدّثني قطرة دم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net