صفحة الكاتب : محمد زيد ابوالقيس كهية

الميرزا قمري دربندي الداغستاني : رائد الرثاء الحسيني في الأدب التركي الأذربيجاني
محمد زيد ابوالقيس كهية

مولده ونشأته

الشاعر التركي الكبير والاديب الاذربيجاني الماهر والتاجر الداغستاني النبيل الميرزا محمد تقي بن إبراهيم التاجر المعروف ب قمري كلزار دربندي حسيني الشيرواني الداغستاني صاحب اشهر كتاب في مراثي اهل البيت (ع) باللغة التركية المعروف بكتاب "كنز المصائب". ولد في مدينة دربند بجمهورية داغستان الروسية سنة (1235هـ) هذه المدينة القديمة والتي يوجد فيها الجامع الكبير وهي من أقدم خمسة مساجد في العالم، وتبعد دربند عن باكو عاصمة اذربيجان قرابة 260كم.
نشأ في دربند واتقن العلوم الأساسية فيها وتميز بالذكاء والفطنة واستطاع ان يتقن اللغات الفارسية والعربية والروسية مع لغته الام التركية الاذربيجانية. وكان تاجرا كبيرا كأبيه إبراهيم الدربندي وذو سيرة حسنة عند الناس وسافر الى قم ومشهد وغيرهما لطلب العلم والمعرفة وليغترف من العلوم المختلفة ..

أولاده
• ميرزا جعفر
• ميرزا علي أصغر

ألقابه
• قمري
• دربندي
• شيرواني
• گلزار
• حسيني
• داغستاني

تأثر بـ
• فضولي البغدادي
• ملا حسين الكاشفي
• خواجه كرماني
• محتشم كاشاني
• منوچهری

حياته الأدبية
في بداياته كتب قصائد بالغزل ثم ندم على ذلك لاحقا لسبب ما حيث يقول الاستاذ نوري محمد زاده:
"قمري دربندي قضى شبابه في اللهو والغفلة، كما يقول بنفسه: «قضيت عمري في وصف الحاجب والخال وجمال الوجوه كالهلال، حتى جاءني العقل مميزًا ومناديًا». وكان من أكبر تجّار دربند."

وبعد ذلك جعل شعره كله في مراثي اهل البيت(ع) وكتب قصائده باللغات الثلاث التركية والفارسية والعربية.
كتب الرثاء الحسيني في سن الثلاثين وجمعها بكتاب كنز المصائب، وفي سن الخمسين اضاف قصائد اخرى اليها فسماها ديوان قمري الكامل الذي يضم قصائده التركية والفارسية. كان متأثرا بالشاعر فضولي البغدادي، وكتب الشعر في غرض المديح والغزل والرثاء، وله قصائد ذات مضامين عرفانية صوفية، "فهو يُعد صوفيًا ملتزمًا بأحكام الشريعة." كما يقول الدكتور حسين محمد زاده صديق.
وشعره فيه صور بلاغية كثيرة جدا حيث استخدم الكناية والاستعارة بكثرة في قصائده،
وقد ألّف كتابه كنز المصائب بالاعتماد على كتاب روضة الشهداء للملا حسين واعظ الكاشفي وكتاب حديقة السعداء لفضولي البغدادي.

وقد كتب بحقه الشاعر شعاعي دربندي

قمری نون گولشنی چون غنچه دی گول لر آچیب
لاله و یاسمن و سوسن و سونبوللر آچیب
طوطی و بولبول شیدا نه عجب دیللر آچیب
رشک فردوس برین روضه ی رضوان گورونور

حيث يشبه اشعار قمري بالبستان الذي فيه أنواع كثيرة من الزهور ويغرد فيها البلابل وكأنه روضة وجنة جميلة ..

قصائده
ومن قصيدة له نورده كما جاء في كتاب براوجليده تراثي سينه زنلار. وهذه القصيدة في يوم الطف عندما خاطب الامام الحسين (ع) الأعداء حيث يقول قمري:

اي قوم دون جدين منيم خير الورى دور يا دگل
سالار كل أنبياء نور الهدى دور يا دگل

يا ايها القوم الذين اجتمعتم لقتالي ألا تعرفون ان جدي خير الورى وهو اعظم الانبياء والرسل وهو النور المبين الذي جاء لهداية البشر جميعا.

شاهنشاه ملکی بقا سلطاني کل ما سوی
یعنی محمد مصطفى كان سخادور يا دگل

سيد الدنيا والآخرة وهو سلطان العالمين ذلك النبي المصطفى(ص) منبع الجود والكرم.

ثم يصف الامام علي (ع) ومنها هذا البيت:

باب علوم مصطفى شاه سرير لا فتى
ساقي كوثر مرتضى معجز نمادور يا دگل

ان الامام علي (ع) هو باب علوم النبي(ص) وهو ساقي الحوض يوم الحشر.

ثم يستمر الشاعر في قصيدته بلسان حال الامام الحسين(ع) حيث يصور بالحجج والبراهين ان الحق واضح يا معسكر الكوفة،
ثم يختم قصيدته كعادة الشعراء الأتراك بذكر اسمه:

آغلار غمينده انس وجان ايلر فغان الأمان
هم قمري بي خانمان صاحب عزادور يا دگل

مؤكدا ان كل الخلائق تبكي وتحزن على الامام الحسين (ع) الانس والجن وقمري نفسه صاحب عزاء بهذه المصيبة العظيمة.

مؤلفاته
• كنز المصائب: مطبوع ويسمى ايضا بـ كلزار حسيني.
• كنز المعارف: أكمله ابنه بعد وفاته، مخطوطة في معهد المخطوطات في باكو.
• ديوان كامل قمري: نشر بتحقيق آقا بن عابد في باكو سنة 1285هـ ونشر في طهران سنة 1372هـ .

كنز المصائب
وهو من أشهر الكتب الرثائية الحسينية المؤلفة باللغة التركية، وقد نالت انتشار واسع في الاوساط الشعبية في الدول الناطقة بالتركية.
وقد اضاف المحقق والناشر لديوانه الكامل نبذة مختصرة من كتاب الملحمة الحسينية للشهيد مرتضى مطهري والذي أكد فيها مطهري ان كتاب الكاشفي (الذي اعتمد عليه قمري) تحتوي على جملة من الاستحداثات غير الموجودة في المصادر القديمة المعتبرة..

يعرّف قمري نفسه في كتاب «كنز المصائب» على النحو الآتي:
«العبد الحقير كثير الذنوب والتقصير، محمد تقي ابن المرحوم إبراهيم الدربندي، المتخلص بـ قمري.»

أقوال النقاد فيه

• محمد كاظم أسرار تبريزي (1265هـ – 1315 هـ) في كتابه حديقة الشعراء:
"بلبل روضة الإرادة، تذرو شجر المحبة، صاحب الكمالات المعنوية، ذو المقامات العلوية، خسرو مملكة البلاغة، سلطان دولة المعرفة، أعني محمد تقي الملقب بـ قمري مولانا من بندر دربند في مملكة شروان. في بداية شبابه كان ممثّلًا في مجالس الشبيه (التعزية)، ثم ارتقى المراتب العليا... حتى تجلّت محبة الحسين عليه السلام في وجوده، فترك التمثيل واتجه إلى مجالس الوعظ ورثاء الشهداء. وقد نظم «كنز المصائب»... وهو في الحقيقة منذ يوم الطف إلى يومنا هذا – أي ما يزيد على ألف ومئتين وأربعين عامًا – لم يُنظم مقتل على هذا النحو، إذ جمع جميع المصائب واحتوى على جميع المحاسن.
علومه وفنونه بلا حد ولا غاية، ولا يمكن للنفس الناطقة أن تحيط ببيانها.»."

• الأستاذ جواد هيئت:
«كان قمري يريد أن يخلّد واقعة كربلاء، وأن يحفظ هذا الحدث العظيم للأجيال القادمة.»
• فريدون كوچرلي:
"أشهر شعراء دربند هو ميرزا محمد تقي ابن المرحوم إبراهيم، والملقب بـ «قمري». قمري في الأصل من أهالي دربند، وكانت ولادته في نفس المدينة سنة 1235 هـ".
• الأستاذ نوري محمد زاده:
"ميرزا محمد تقي قمري گلزار دربندي (1235 – 1309 هـ.ق) شاعر ومرثية من داغستان... ومن اكبر تجار دربند."
• الشاعر صالح سجادي في كتابه الغزل التركي:
"قمري دربندي يعد احد اعظم شعراء الرثاء الاتراك الأربعة الى جانب دخيل مراغي ورضا صراف تبريزي وراجي تبريزي."
• كتاب دائرة المعارف الاسلامية في ايران:
"ومن الملاحظ في الأدب الأذربيجاني تطور ادب رثاء الامام الحسين (ع) ورثاء سائر اهل البيت(ع)، ومن ابرزهم كتاب كنز المصائب لمحمد تقي قمري دربندي."
• كتاب دانشنامه:
"قمري دربندي المولود سنة 1235 هـ."
• محمد علي مدرس تبريزي في ريحانة الأدب:
"قمري ميرزا محمد تقي دربندي شيرواني من الشعراء الأتراك البارزين في منطقة دربند الروسية وكان في بداية حياته يعمل في التشابيه ويكتب قصائد غزليات جميلة ويلقب نفسه بالقمري ولكنه لسبب ما ندم على ذلك واتجه الى إقامة مجالس الروضة فنظم اشعارا لطيفة ورصينة كثيرة في مصائب كربلاء المفجعة وقد طبع ديوانه بأسم كنز المصائب".

• الدكتور حسين محمد زاده صديق:
"ميرزا محمد تقي قمري دربندي واحد من أشهر وأفصح شعراء عاشوراء الأتراك، الذي حظي منذ زمن بعيد بالتكريم والاهتمام بين شيعة إيران الناطقين بالتركية، وكان كتابه ذو الجزأين «كنز المصائب»، وهو أثره الرثائي الوحيد، حاضرًا دائمًا في بيوت معظم الإيرانيين....
يُعد قمري في مجال المقتل الشعري التركي قليل النظير ويعد واحد من أشهر وأفصح شعراء عاشوراء الأتراك... "
•الاستاذ رضا همراز" كتاب كنز المصائب لا نرى فيه مدحا لأي ملك او سلطان بل كله في اهل البيت (ع)
وما دام هناك مجالس عاشوراء فإن اشعار قمري سيضل باقية
وما دامت هناك قصائد رثائية باقية فإن رثاء قمري باق أيضا" لأنها في قمة الرثاء ..

"لقد كان قمري واحدًا من ألمع وأجمل شعراء المراثي في أدب أذربيجان. "

• عبدالجبار الرفاعي في معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته:
"كنز المصائب ديوان شعر في مصائب كربلاء لميرزا محمد تقي الدربندي الشيرواني المعروف بقمري من الشعراء باللغة التركية."
• العلامة آغا بزرك الطهراني في الذريعة:
"كنز المصائب للميرزا محمد تقي المتخلص ب (قمري) المذكور في (9: 889) ينقل عنه المعاصر في نفائس اللباب و هو تركي طبع مكررا، في المراثي من منشئات الميرزا محمد تقي بن إبراهيم الدربندي المتخلص ب (قمري) له گلزار حسينى، طبع في مجلد كبير في كل سطر بيتان في 1334."

• كتاب دانشنامهٔ ادب فارسي في قفقاز:
"ميرزا محمد تقي گلزار (دربند 1235 – 1309 هـ)، شاعر ومرثية‌سرای (شاعر مراثٍ) داغستاني. تلقى العلوم الدينية وكذلك اللغتين الفارسية والعربية في مسقط رأسه وأتقنهما، وكان يعرف قليلًا من اللغة الروسية أيضًا. في البداية عمل في التمثيل التعزيزي (الشبيه)، ثم أصبح خطيبًا حسينيًا وكاتب مقتل. سافر إلى مشهد وقم، ونظم قصائد في رثاء الإمام الرضا (ع) والسيدة المعصومة (س). كان قمري رجلًا وقورًا وجريئًا، وكان يعرض مطالب واحتياجات أهالي دربند على حكام المنطقة. أهم آثاره المنثورة كتاب «كنز المصائب» أو «كليات قمري» باللغة التركية. هذا الكتاب مكتوب في بيان مصائب كربلاء، وهو ذو قيمة أدبية كبيرة، كما يُعد من المراجع المهمة لإعداد وتمثيل التعزية (الشبيه).
°كتب فيه الشاعر فيضي دربندي قصيدة جاء فيها

الا يا ايها القمري‌ بيانون‌ مايه‌ بهجت‌
يازيب‌ دير لوح‌ سينونده‌ قلم‌ اسرار پر حكمت‌
دم‌ روح‌ القدس‌ دور بو و يا سحر مجلل‌ دور
اگر خصمون‌ اولا منكر بو حجت‌ الده‌ دور حجّت‌

ويصف فيها اشعار قمري وانها من الشعر الفصيح والعالي ويتضمن حكم وعبرا كثيرة ..

وفاته
توفي سنة 1309 هـ في مدينة دربند وحضره الناس من مختلف نواحي اذربيجان ومناطقها، فرحمه الله واسكنه فسيح جناته.واليوم قبره معروف ومشهور في المقبرة المسمى بإسمه(مقبرة قمري دربندي ) في مدينة دربند الروسية ..
وقد كتب الشاعر التبريزي آقاي رحمتلي على قبر قمري عند زيارته الى مدينة دربند أبيات منها

بير عومر يا حسين‌ دئميشم‌ يا حسين‌ سنه
‌ايندي‌ يامان‌ گونوم‌ دور اليمدن‌ ياپيش‌ آغا

بو قبر گوشه‌ سينده‌ غريبم‌ آدام‌ سيزام‌
نه‌ بوردا بير قوهوم‌ تاپيلير نه‌ تانيش‌ آغا

قورخوم‌ بودور كيريخديرا نكرين‌ «قمري‌» نو
گل‌ سن‌ اوزون‌ منيم‌ عوضيمدن‌ دانيش‌ آغا

وفيها يخاطب الشاعر التبريزي الامام الحسين(ع)عر ان يكون عونا للشاعر قمري فهو صاحب الأشعار الحسينية الكثيرة واليوم يرقد غريبا وحده ..

خاتمة
قمري اسم لامع في سماء الشعر الاذربيجاني والتركي عموما وشعره لاقى قبولا كبيرا بين الناس وهو منتشر في شمال العراق عموما ويقرأ في شهر محرم الحرام في كل سنة وكتابه كنز المصائب على الرغم من احتواءه على بعض المضامين المستحدثة إلا أنه يعد من أرقى انواع الشعر في باب الرثاء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد زيد ابوالقيس كهية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/14



كتابة تعليق لموضوع : الميرزا قمري دربندي الداغستاني : رائد الرثاء الحسيني في الأدب التركي الأذربيجاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net