الديوانية تتداعى.. فساد وإهمال يحول مشاريع البنى التحتية إلى كابوس
كتابات في الميزاان / محافظة الديوانية تغرق في أزمة مشاريع متلكئة، من شبكات المياه والمجاري إلى الطرق والمداخل الرئيسة، وسط تدخلات سياسية وفساد يعرقل الشركات المتعاقدة.
تعيش محافظة الديوانية واقعاً معقداً على صعيد المشاريع الخدمية والتنموية، حيث تتعثر أعمال التأهيل والبنى التحتية في كثير من الأحياء، وتظل شبكات المياه والمجاري ناقصة، بينما تواجه مشاريع الطرق والمداخل الرئيسة صعوبات فنية ووقتية.
وبينما تصف وزارة الإعمار والإسكان مشاريع البنى التحتية في الديوانية بأنها في مراحل متقدمة، مع نسب إنجاز مرتفعة في بعض المشاريع وخطط لتطوير 42 حياً، تظهر تصريحات بلدية الديوانية واقعاً مختلفاً تماماً.
أحياء ضحلة غير مؤهلة، شركات غير قادرة على إنجاز أعمالها، وتأخر في التمويل الحكومي. كشف المراقب المحلي بمحافظة الديوانية، محمد الجنابي، عن حجم الأزمات التي تعانيها المحافظة على صعيد المشاريع الخدمية والتنموية، متهماً الإدارات السابقة والحالية بسوء التخطيط والإدارة، إضافة إلى تدخلات سياسية وملفات فساد.
وأوضح الجنابي أن المحافظة تواجه «معاناة كبيرة جداً» في المشاريع، سواء تلك التي تقع ضمن الاختصاص الوزاري أو مشاريع تنمية الأقاليم، مشيراً إلى أن عدداً من المشاريع الكبرى ما زالت متلكئة منذ سنوات.
المستشفى الأسترالي
وأشار إلى مشاريع محددة مثل المستشفى الأسترالي الذي لم يكتمل بعد، ومشروع كسر الجمهورية الذي استغرق أكثر من 12 عاماً قبل إنجازه بشكل غير مرضٍ، إضافة إلى مشروع مجاري الديوانية الكبير ومشروع تأهيل 42 حيّاً في مركز المحافظة، الذي واجه مشاكل في التمويل والتنفيذ.
وأكد الجنابي أن مشاريع تنمية الأقاليم المحالة بين 2022 و2025 تواجه بدورها مشاكل مشابهة، إذ نفّذ بعضها بطريقة غير مطابقة للمواصفات،
مشيراً إلى أن «هذه الأزمات تعود بالأساس إلى سوء التخطيط والإدارة، والضعف في الإشراف والمتابعة، فضلاً عن تدخلات مسؤولين متنفذين وفرض عمولات على المقاولين تراوحت نسبتها بين 10 و15%، ما أدى إلى إحالة المشاريع لشركات غير كفوءة على حساب مصلحة أبناء الديوانية».
وعن القطاع البلدي، أكد الجنابي أن مديرية بلدية الديوانية تعاني ضعفاً في تقديم الخدمات الأساسية مثل رفع النفايات وصيانة الشوارع والبنى التحتية، مشيراً إلى أن التغيير المستمر للإدارات (بمعدل مدير كل ستة أشهر) ساهم في غياب الاستقرار الإداري وزيادة الفوضى، وغالباً ما يتم تعيين المسؤولين بضغوط سياسية وبمن هم أقل كفاءة.
مكب للإهمال
وتابع الجنابي بالقول إن الوضع في محافظة الديوانية «بات مزرياً للغاية، فهي لا ترقى حتى إلى مستوى قضاء صغير، على الرغم من أهميتها كمحافظة عراقية، وقد تحولت اليوم إلى مكب للإهمال والتقصير والفساد في الأداء الحكومي».
وأكد مدير الإعلام في بلدية الديوانية، مصطفى المياحي، استمرار التحديات في تقديم الخدمات للأحياء، مشيراً إلى أن العمل في بعض الأحياء لم يكتمل بعد رغم مرور أكثر من عام على بدء مشاريع إعادة التأهيل.
وقال المياحي إن «لدينا 42 حياً في المحافظة، وموضوع التأهيل بدأ منذ أكثر من سنة، لكن ظهرت مشاكل مع الشركة الإسبانية التي كانت متعاقدة معنا، حيث واجهت اعتراضات من الوزارة وتم فسخ العقد معها، ليتم التعاقد لاحقاً مع شركات أخرى تتولى مسؤولية بعض الأحياء».
وأضاف المياحي أن نسبة الإنجاز تختلف من حي لآخر، حيث لم تصل أي من الأحياء إلى الاكتمال بنسبة 100%. وأوضح أن المحافظة تعاقدت مع شركة كردية «خالد جنكي» مختصة في المقاولات العامة، لتتولى تنظيف ورفع النفايات في حوالي سبعة أحياء، لكنها لم تتمكن من إنجاز العمل بشكل كامل.
تفاقم المشكلة
وأشار المياحي إلى أن بلدية الديوانية توقفت عن التدخل في هذه المناطق بعد تسليمها للشركات، مما ساهم في تفاقم المشكلة. وأضاف أن أعمال الشركات تتأثر بتمويل الحكومة المركزي، الذي يصرف على دفعات، وكلما تأخرت هذه الدفعات تأخر الإنجاز.
ووصف المياحي موقف مجلس المحافظة في هذا الوضع بأنه «متفرج»، مشيراً إلى بطء الأعمال واعتماد جميع الشركات في المحافظة على نظام الشفت الواحد.
كما أشار إلى أن هناك مشاكل إضافية تتعلق بمشاريع المداخل الرئيسة للمحافظة، التي ما زالت تواجه صعوبات فنية ووقتية، مؤكداً أن محافظة الديوانية «تخرج من مشكلة لتدخل في أخرى».
ومن خلال الاتصال بوزارة الإعمار والإسكان، أكد المتحدث باسمها د. نبيل الصفار، أن الوزارة تعمل على تنفيذ عدد كبير من مشاريع البنى التحتية في محافظة الديوانية، لا سيما في قطاعي الماء والمجاري، بهدف تحسين الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين.
مشروع مجاري الديوانية الكبير
مشيراً إلى أن العمل مستمر في مشروع مجاري الديوانية الكبير، الذي بدأ منذ عام 2011، ووصلت نسبة الإنجاز فيه إلى أكثر من 80%، بطاقة تصميمية تصل إلى 100 ألف متر مكعب يومياً.
وأضاف أن هناك مشروع مجاري غماس، والذي يعد أيضاً من المشاريع المهمة التي ستسهم في تحسين الواقع الخدمي للمدينة، إلى جانب مشاريع لتصميم وتشغيل شبكات مياه الأمطار ومحطات الرفع في قضاء الهناوية وقضاء السنية.
وتحدث الصفار أيضاً عن مشاريع تطوير 42 حياً، وأكد أنها ضمن خطط شاملة لتأهيل البنى التحتية. كما تجرى الدراسات الاستشارية والتصميمية لمشاريع مستقبلية، إضافة إلى مشاريع مهمة في قطاع الطرق، لضمان تحسين الخدمات وتسهيل الحركة في المدينة.
ووفقاً للصفار فإن «فرق العمل تعمل كفريق واحد مع جميع الجهات المعنية لضمان سرعة الإنجاز ومعالجة أي خلل فوراً».
وأشار الصفار إلى نسب الإنجاز في مشاريع المجاري بالمحافظات، حيث بلغت نسبة إنجاز مشروع مجاري السنية 34% مقارنة بالمخطط البالغ 30%.
كما وصلت نسبة إنجاز مشروع مجاري غماس إلى 51%، فيما يسير مشروع مجاري قضاء عفك أيضاً وفق المخطط المحدد، مؤكداً أن «هذه المشاريع تنفذها الوزارة بالتعاون مع محافظة الديوانية».
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat