يُعرب مجلس القضاء الأعلى عن أسفه لما يُتداول بشأن حادث وفاة الطبيبة بان زياد، وذلك على الرغم من الإيضاح الرسمي الصادر يوم الاثنين الموافق ٢٠٢٥/٨/١٨ بشأن حقيقة أسباب الوفاة. وقد استند ذلك الإيضاح إلى جهد مشترك ساهم فيه مجلس القضاء الأعلى ممثَّلًا برئاسة محكمة استئناف البصرة ومحكمة تحقيق البصرة، ووزارة الداخلية ممثلةً بجهات التحقيق المختصة ومديرية الأدلة الجنائية التابعة لها، ووزارة الصحة ممثلةً بمعهد الطب العدلي. وهذه الجهات الرسمية الثلاث هي جهات مهنية أدّت عملها بدقة ومن دون أي تأثير خارجي، وتوصّلت إلى ملخص أسباب الوفاة بالانتحار، وفق المعطيات المثبتة في قرار محكمة تحقيق البصرة.
لذلك يأمل مجلس القضاء الأعلى عدم تناول هذا الموضوع بطريقة مغايرة للحقيقة التي ثبتت بالأدلة العلمية والفنية، والتي لا يمكن دحضها بأفكار أو آراء من وحي خيال أصحابها، لما في ذلك من إساءة لعمل مؤسسات الدولة المهنية ولعائلة المتوفاة وذويها من دون مبرر.
ويؤكد المجلس أن النتيجة التي توصّل إليها الجهد المشترك لمحكمة تحقيق البصرة وأجهزة التحقيق التابعة لوزارة الداخلية ومعهد الطب العدلي التابع لوزارة الصحة تستند إلى ما يأتي:
1. كتاب مديرية تحقيق الأدلة الجنائية/ قسم كشف التزييف والتزوير، مرفقًا به تقرير اللجنة الخماسية المشكلة من قبل وزارة الداخلية حول عبارة “أريد الله” التي عُثر عليها مكتوبة بالدم على سطح باب الحمام الخاص بغرفة المتوفاة (بان زياد طارق). وقد أظهرت النتيجة أن كتابة العبارة أعلاه تطابق نماذج خط بان زياد طارق المثبتة في سجل ملاحظاتها (البيضاء والمخططة) وفي أوراقها ووصفاتها الطبية السابقة. وقد استُخدم في إعداد التقرير الفني جهاز (VSC 8000 HS) الذي يُبيّن المميزات المعتمدة في إجراءات المضاهاة والتطبيق.
2. التقرير الفني الصادر عن قسم التقنيات والمعلوماتية في البصرة/ وحدة الجريمة الإلكترونية، المتعلق بتفريغ المحادثة الصوتية بين الطبيبة الشاهدة زينب علي حسن والمتوفاة بان زياد. وقد ذكرت الشاهدة في إفادتها أن المتوفاة كانت تعاني من الاكتئاب الذي تطوّر لديها إلى الدرجة الخامسة، وأنها بحكم خبرتها كطبيبة نفسية نصحتها بتناول بعض العقاقير الطبية. غير أن المتوفاة أجابت بأنها جرّبت كثيرًا من العقاقير ولم يعد جسدها يستجيب لها، وطلبت منها جلب علاج غير متوفر في محافظة البصرة هو (Pubroion) من بغداد حيث تعمل الشاهدة في مدينة الطب. كما أبدت المتوفاة رغبتها بترك تخصص الطب النفسي والتحول إلى تخصص التخدير. وأكدت الشاهدة في نهاية أقوالها أن المتوفاة كانت مصابة بالاكتئاب المزمن الذي قد يؤدي إلى الانتحار عند عدم الانتظام في الجلسات العلاجية والدواء الخاص بالعلاج المعرفي السلوكي.
3. أقوال المتهم (عمر ضاحي مصطفى)، الذي أنكر التهمة المنسوبة إليه بتحريض المتوفاة بان زياد على الانتحار، مؤكّدًا أنها زميلته في العمل. وأن تفريغ محتوى هاتفه النقال تضمّن محادثات بينه وبينها حول رغبتها بالإقدام على الانتحار.
4. نتائج تفريغ جهاز (DVR) الخاص بدار عائلة المتوفاة، التي أثبتت وفق كتاب شعبة الأدلة الرقمية عدم دخول أي شخص إلى الدار قبل الحادث، وعدم وجود أي توقف في تسجيل الكاميرات يوم الواقعة. كما تضمنت تقارير شعبة الطبعة الجرمية، ومكتب مسرح الجريمة، وكشف التزوير والتزييف، والمختبر الجنائي، وقسم التقنيات والمعلوماتية/ وحدة الجريمة الإلكترونية، أن المتوفاة كانت تتابع قناة بعنوان “رسائل انتحار” (L.M/LOVEXJ). وأظهرت رسائل مرسلة منها إلى المتهم عمر ضاحي مصطفى تتضمن عبارات (الله يسامحك ويهديك لكن ما راح اشوفك بعد اذا صار شي امسح هاي المحادثة. ولك انت خوش ولد خل نمشي بالحياة سوة بدل هل الضياع هذا. عمر انا راح اروح واعفيك من حجاياتك واسفة على كلشي سويتة وضوجك ما جان قصدي مع السلامة) كما أظهر التقرير بصمات صوتية للمتوفاة مسجلة على جهاز مسجّل (ريكوردر) خاص بها، تضمنت قولها (بعدها الافكار الانتحارية موجودة بس اني يعني من النوع الي ما استجيب لهذا الشي بس هسة جاي تصير قوية مو لان اذية نفس او شي الفكرة انو اني تعبت من الوجود تعبت حرفيا من الوجود) إضافة إلى عبارات أخرى بالإنكليزية جاء في ترجمتها (انا فقط اريد ان اختفي من الوجود إلى اللامكان انا تعبت من الوجود انا فعلا تعبت انا احاول التأقلم مع الواقع انا فقط تعبت).
5. أقوال المدّعين بالحق الشخصي، وهما والد ووالدة المتوفاة (زياد طارق إسماعيل وجنان غازي)، حيث أكدا أن وفاة ابنتهما جاءت نتيجة ضغوط نفسية قاهرة عانت منها، وأنها حادثة انتحار وليست جريمة قتل، ولم يطلبا الشكوى بحق أحد.
وهذا ما أكده أيضًا شهود الحادث (شقيقتها هبة زياد طارق، وخالها بهاء الدين غازي، وزوجة خالها منى محمد ياسين، وابن خالها رضا بهاء الدين، وكذلك شقيقها المتهم المفرج عنه محمد زياد طارق، فضلًا عن الشاهد الطبيب فواز عباس علي، الذي أفاد بأنه اتصلت به المتوفاة ليلة الحادث ٢٠٢٥/٨/٣ لمدة نصف ساعة، وأخبرته قائلة:“انا محد يحبني وتعبت واريد ارتاح من الحياة لان مليت من الحياة وجسمي يطلب مني ان اقوم بتقطيع كلتا يدي)
6. النتائج الطبية والفنية: أظهر فحص الدم الموجود في محل الحادث وخصلات الشعر التي وُجدت في أصابع يدَي المتوفاة أنها تعود إليها، وذلك وفق التقرير الفني لشعبة البصمة الوراثية في مديرية تحقيق الأدلة الجنائية. كما بيّن التقرير التشريحي الصادر عن دائرة صحة البصرة/ الطب العدلي أن سبب الوفاة هو التمزقات والنزيف الدموي الناتج عن الجروح القطعية في الساعدين الأيمن والأيسر، والتي أدت إلى صدمة وعائية ووفاة. وأوضح التقرير أن السحجات والكدمات في أعلى الحاجب الأيمن والخد الأيمن حدثت بسبب سقوط الجسم أثناء الاحتضار وقبل الوفاة، وأن المناطق المتلوّنة في الرقبة اليمنى وأعلى الصدر الأيمن عددها اثنان، وهي غير حيوية، ويرجّح أنها حصلت بعد الوفاة نتيجة سقوط الجسم على أرضية مدخل الحمام وإطار بابه. كما لوحظت سحجات غير حيوية في المنطقة الوركية الجانبية اليسرى وأمام الركبة اليسرى، ويُرجح أنها ناتجة عن نقل الجثة. وأكد التقرير عدم وجود ما يدل على الخنق الرباطي أو اليدوي أو كتم النفس أو تقييد اليدين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat