صفحة الكاتب : احسان عبداليمه الاسدي

الثروة الحقيقية
احسان عبداليمه الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يعيش العالم في وقتنا الراهن مضامين ثورة تدريبية أحدثت انقلابات عدة في مفاهيم التدريب مع دخول الألفية الثالثة، فالعالم بدون استثناء سواء كان المتقدم منه أو الساعي للتقدم أو النامي أعلن حربه على التدريب ومفاهيمه.
وظهرت نماذج جديدة للتدريب تهدف في المقام الأول إلى مزج النظرية بالتطبيق؛ لإعداد شباب قادر على مواصلة الدراسة، وفي الوقت نفسه يحتك بسوق العمل للحصول على المهارات والخبرة المتجددة، وإن كانت هذه المشكلة قائمة منذ زمن بعيد، وهي مسألة التصاق النظرية بالتطبيق، بل وكان العالم يدرك أن مخرجاته التعليمية لا تتناسب واحتياجات سوق العمل لسببين:
الأول: مسار التعليم الأكاديمي من خلال الجامعات والكليات النظرية، وهذا المسار يعد الشباب من ناحية نظرية بحتة، وحين يزج بهم في سوق العمل، يصعب على الشباب تطبيق ما اكتسبه من معلومات نظرية على الواقع العملي. وان كانت الاحتياجات الوظيفية للمؤسسة التي سيلتحق بها بسيطة، قامت هذه المؤسسة بتأهيله مهنياً بما يتناسب مع احتياجاتها، ومن ثم العمل على توظيفه، وإن كانت غير ذلك أضيف الخريج الى قائمة العاطلين عن العمل، والدليل على أن مخرجات الجامعات لا تلبي احتياجات سوق العمل، هو قيام أعداد كبيرة من شركات ومصانع القطاع الخاص بإنشاء مراكز تدريبية ضخمة بعضها يعادل في تجهيزاته كليات تطبيقية في بعض الدول المتقدمة؛ وما ذلك إلا دلالة على فشل المؤسسات التعليمية ذات الطابع التنظيري في إعداد القوى العاملة.
السبب الثاني: من خلال مسار التعليم التقني والفني، فهو الآخر ناله من الفشل نصيب، إذ من البرامج التعليمية والتدريبية لهذا المسار ما صُمِّم على أن يزود المتدرب بمهارات معينة تؤهله لمهنة معينة تتغير احتياجاتها بصورة سريعة ومستمرة، فعندما ينهي الشاب مرحلته الدراسية يُفاجأ باحتياجات المهنة التي أعدّ لها تختلف تماماً عمّا درسه حتى ولو كان عملياً.
إذن، لا الجامعات أعدّت الشاب بصورة تؤهله للانخراط في سوق العمل، ولا مؤسسات التعليم الفني والتقني على حدٍّ سواء، وإن كانت الأخيرة معنية بعملية إعداد القوى البشرية المؤهّلة لسوق العمل.
ومع فشل المؤسسات التعليمية من نظرية وتطبيقية في تأهيل مخرجاتها بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، أدت الى كارثة تدريبية هي التي أيقظت العالم من سباته العميق، ليبحث عن نهج تدريبي وتعليمي يلبي حاجة سوق العمل، وفي الوقت نفسه يؤهل الشباب لإكمال تعليمه إن رغب في ذلك.
ولم يكن لهذا العالم أن يستيقظ لولا زيادة عدد العاطلين من المتعلمين، وخاصة من خريجي المؤسسات الجامعية التي أصبحت غير قادرة على استيعاب خريجي المرحلة الثانوية. وبدل أن نجد الحلول الكفيلة بمعادلة ميزان التعليم ومخرجاته، تم زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات بمسميات شتى، منها: المسائية، والأهلية... وجميعها تهدف الى زيادة عدد الخريجين، وبالتالي زيادة عدد العاطلين.
إن موازنة مخرجات التعليم هي السبيل الوحيد للنهوض الاجتماعي والاقتصادي والصناعي والأمني للبلد؛ فالتعليم هو ليس وسيلة لكسب الشهادة أو للمعلومات النظرية فقط، بل إن التعليم يهدف الى استثمار هذه الموارد البشرية وهذه الطاقة العظيمة التي أدت إلى تقدم الكثير من الدول عندما وضعوا الثروة البشرية أساس التنمية أمثال الدول المتقدمة، فليس من الغريب أن نجد أن اليابان تصبح دولة متقدمة رغم عدم امتلاكها موارد طبيعية. وليس من الغريب أن تتطور المانيا وهي قد خسرت الحرب. وليس من الغريب أن تتطور الصين والمفروض أن تشكو من كثرة السكان. كل ذلك ليس غريباً؛ لأن التقدم ليس مرتبطاً بالموارد الطبيعية فحسب، إنما التقدم هو بسبب ادارة الموارد البشرية الثروة الحقيقة التي تزدهر بها الشعوب، ونحن نمتلك كل الثروات، ولكن بسبب عدم ادارة الثروة البشرية لم نصل الى التقدم.
أليس من الغريب أن تكون موازنة الدولة بأرقام لم نسمع بها سابقاً، ومع ذلك تنتشر البطالة؟ وكذلك بالرغم من هذه الميزانية الضخمة ونسبة الفقر بتزايد مستمر؟ أليس من المعيب أن نملك ما نملك من الثروات والمساعدات الإنسانية بتزايد على بلدنا بسبب الفقر؟
لنتعاون جميعا من أجل استثمار الموارد البشرية السبيل الوحيد لكل تقدم، والسبيل الوحيد لحل كل الصعوبات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احسان عبداليمه الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/13



كتابة تعليق لموضوع : الثروة الحقيقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net