فوائد لغوية الصفات النفسية لأبي الفضل العباس عليه السلام "الوفاء"
الشيخ حمزه ابو العرب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حمزه ابو العرب

هذا هو الوسام الثالث الذي وضعه الإمام الصادق ع على صدر عمّه العباس ع؛ حيث شهد له بهذا الوفاء، كما وردت هذه الشهادة في الزيارة.
حقا إن شهادة الإمام الصادق ع جاءت مطابقة كل التطابق لما كان عليه العباس عليه السلام من ا-لتزام بهذا الوفاء؛ حيث أصبح - في كربلاء - أول من يعلن ولاءه لأخيه الحسين ع، أمام الهاشميين من آل بيت الرسول ص، وأمام الأنصار الذين احتشدوا لسماع كلمة الحسين ع التي حلّلهم بها من بيعته، وأطلق لهم الحرية في الذهاب في أرض الله الواسعة... وكان العباس ع ينطقها بملء فيه قوية – كقوة إيمانه - :- (ولِمَ نفعل ذلك، لنبقى بعدك !! لا أرانا الله ذلك أبدا) (الملهوف على قتلى الطفوف ص151).
بعد هذه المقدمة المقتضبة يجدر بنا أن ننظر ما في اللغة من معاني (الوفاء) ليكون الموضوع واضحا ومتكاملا... قال الجرجاني في (تعريفاته ص138):- (الوفاء هو ملازمة طريق المواساة، ومحافظة عهود الخلطاء)
وقال الرازي في مختار الصحاح:- الوفاء ضد الغدر. يقال:- (وفى بعهده وفاء، وأوفى بمعنى، والوفي:- الوافي).
وفي (المصباح المنير):- (وفيت بالعهد والوعد أفي به وفاء، والفاعل وفيّ. والجمع:- أوفياء، مثل صديق وأصدقاء، ووفيت به إيفاء).
وفي لسان العرب:- وفى بالشيء وأوفى، ووفّى بمعنى واحد، ورجل وفي، وميفاء)
وفي التنزيل:- (وإبراهيم إذ وفّى) قال الزجّاج:- (وفّى إبراهيم ما أمر به، وما امتحن به من ذبح ولده،؛ فعزم على ذلك حتى فداه الله تعالى (بذبحٍ عظيم).
إذن وفاء (إبراهيم) كان مما أمر به، كما كان إمتحاناً له ليتبين مدى وفائه... ولما كان إبراهيم ثابتا في هذه الامتحان إلى درجة اليقين؛ فداه الله عز وجل (بذبح عظيم) لأنه نال رضى الله تعالى.
وقال الراغب (في مفرداته):- في هذا الصدد: (وإبراهيم الذي وفّى): إنه بذل المجهود في جميع ما طولب به من بذل ماله، وبذل ولده الذي هو أعز من نفسه (للقربان).
ومما مر نخلص إلى ما يأتي:
1- إن الوفاء مصدر (وفى) ومعناه:- ضد الغدر.
2- إن الوفي اسم فاعل؛ معناه:- الوافي.
3- إن وفى، ووفّى، وأوفى، أفعال مترادفة على معنى واحد.
4- إن كلمة (ميفاء) صيغة مبالغة وزانها (مفعال) ومعناها:- ذو وفاءٍ كثير مثلها مثل (معطاء) أي كثير العطاء.
5- لخص الجرجاني في تعريفاته معاني الوفاء، في كلمة موجزة غاية الإيجاز، وقال إنه ملازمة طريق المواساة، ومحافظة عهود الخلطاء. وفي هذا الطريق يكون أبو الفضل العباس ع قد لازم أخاه الحسين ع مواسيا له في همومه، ومحافظا له على عهود الإخاء، وموفياً لكل ما أمر به من قبل الله تعالى، فهو في هذا الوفاء يماثل الأنبياء والصبر على ما أمتحن به، ولئن كان نبي الله إبراهيم عليه السلام أمتحن في ذبح ابنه، فقد امتحن العباس ع في قتل ولديه (محمد والقاسم)، وإخوته وتقديم نفسه وذلك غاية الوفاء؟؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat