الإعلام المصري والعراقي... آخر الأصوات الحرة في زمن الاصطفاف!
راجي سلطان الزهيري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راجي سلطان الزهيري

دخلنا الأسبوع الثاني من الحرب الإسرائيلية على طهران حرب لم تشهد لها المنطقة مثيلًا في وحشيتها واستهدافها المباشر للعلماء والمواقع الحيوية والبنى التحتية وحتى المدنيين. قصف متواصل على مدار الساعة ودخان الحرب يتصاعد من قلب العاصمة الإيرانية وسط صمت عالمي وتأييد غير مباشر أو مباشر من بعض الأنظمة والأسوأ من ذلك: منابر الإعلام العربي.
لم يكن مستغربًا أن تقف بعض القنوات العربية ومعها عدد من الإعلاميين المعروفين في صفّ الكيان الصهيوني. هذه القنوات التي سخّرت شاشاتها منذ سنوات للدفاع عن إسرائيل ضد قوى المقاومة كحزب الله في لبنان وحماس في غزة عادت اليوم لتلعب الدور ذاته ولكن على نطاق أوسع. لم يعد الإعلام العربي في كثير من حالاته يُخفي مواقفه بل صار يُلمّع صورة المحتل ويُروّج لأكذوبة "قوة إسرائيل التي لا تُقهر" ويزرع الخوف والضعف في الشارع العربي باسم "الحياد" و"التحليل الواقعي".
وراء هذه المواقف تقف أموال طائلة تضخها جهات معروفة لتوجيه الرأي العام وإغراق الشعوب العربية في وهم التطبيع وتقديم إسرائيل كـ"شريك سلام" بديل عن إيران والمقاومة.
لكن في وسط هذا السواد لا بد من الإشادة ببعض النماذج المشرقة وأولها الإعلام العراقي الرسمي. هذا الإعلام الذي أثبت أنه لم يُباع ولم يخضع وأن في العراق أقلامًا وضمائر حية تنطق بالحق وتكشف الجرائم وتفضح الاحتلال.
ليس كل الإعلام العراقي بالطبع نزيهًا. لكن المؤسسات الرسمية التي عبّرت عن موقف واضح ومشرّف تجاه ما يجري تستحق الاحترام بل والتقدير العالي. الإعلامي العراقي الشريف اليوم يشعر بالفخر حين يرى شاشته تعبّر عن وجعه وتحترم عقله وتضعه أمام الحقيقة لا أمام وهم الخوف من إسرائيل.
وإذا كان العراق قد أبهرنا بمواقفه الرسمية فإن مصر الإعلامية أدهشتنا بأدائها في هذه الحرب. من القنوات المصرية إلى المحللين والخبراء وقفوا بمسؤولية أمام ما يجري بكلمات موزونة ومواقف وطنية غير مهزوزة. هذا الموقف لم يكن مفاجئًا لكل من يعرف الإعلام المصري الجاد رغم وجود بعض الأصوات الشاذة التي لا تُحسب عليه.
المحللون المصريون في أغلبهم أثبتوا وعيًا عميقًا بطبيعة الصراع وبالعدو الحقيقي وأظهروا أن مصر – حين تفتح منابرها للحق – تزلزل المعادلات.
إن ما نعيشه اليوم ليس مجرد حرب عسكرية بل حرب إعلامية كبرى. فمن يملك الكاميرا يملك الرأي ومن يملك الموقف يملك القلوب. وفي هذا المشهد يتكشّف من هو الإعلامي ومن هو المرتزق.
قد لا نملك كل أدوات الرد لكننا نملك الكلمة. والكلمة الحرة في زمن الخيانة تساوي ألف رصاصة. وإن كانت الحرب اليوم على طهران فإن الهدف الحقيقي هو كل عاصمة عربية ما زالت تقاوم وما زالت تقول لا للهيمنة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat