البرلمان العراقي إلى العطالة الكاملة.. شلل مقصود في زمن الحاجة
كتابات في الميزان / رغم اقتراب انتهاء العطلة التشريعية، لا تبدو عودة البرلمان العراقي إلى العمل ممكنة، ليس بسبب ضيق الوقت، بل بإرادة سياسية تعمد إلى تعطيله في لحظة حرجة. ومع انعدام الأمل بعودة الجلسات، تدخل البلاد مرحلة فراغ تشريعي ورقابي، تترك الحكومة بلا مساءلة، والملفات المصيرية بلا حسم.
في وقت يفترض فيه أن يستعيد مجلس النواب العراقي نشاطه مع انتهاء العطلة التشريعية في التاسع من تموز المقبل، تؤكد المعطيات السياسية أن الغياب قد يستمر، لا بفعل التقويم الزمني، بل بإرادة سياسية واعية.
النائب أحمد الشرماني يعلنها بصراحة: “لا أمل في إحياء مهام البرلمان لما ظل من عمره”.
مشيرًا إلى أن الخلافات الداخلية وقرب الانتخابات شكّلا معًا قيدًا ثقيلًا على عودة المؤسسة التشريعية إلى العمل. وهكذا، يدخل المجلس مرحلة جديدة من التعطيل المقصود، في لحظة أحوج ما تكون فيها البلاد إلى رقابة وتشريع.
نهاية تشريعية مبكرة.. لا قانون ولا رقابة في الشهور الأخيرة
يبدو أن البرلمان العراقي، الذي يفترض به أن يكون نبض الحياة التشريعية والرقابية في البلاد، يتّجه نحو نهاية صامتة لدورته الحالية.
الشرماني يربط هذا التوقف بعوامل مركّبة: أولها تقويم زمني يقترب من موعد الانتخابات، وثانيها تفاقم الخلافات داخل الكتل السياسية المتنفذة، ما يجعل من عودة الجلسات أمرًا شبه مستحيل.
وبرأيه، فإن ما تبقى من عمر البرلمان “قليل ولا يعوّل عليه”، ما ينذر بأن الأشهر المقبلة ستكون خالية من أي فعل رقابي أو تشريعي حقيقي، ويظل الحكومة دون مساءلة برلمانية.
إرادة التعطيل.. حين يقرَّر الغياب من فوق
الأخطر في حديث الشرماني هو ما أشار إليه من وجود “إرادة سياسية” لدى بعض القوى المتنفذة لتعطيل الجلسات، حتى بعد انتهاء العطلة التشريعية. هذا يعني أن الغياب لا يعود فقط إلى قلة الوقت أو التشظي السياسي، بل إلى قرار مسبق بإبقاء المؤسسة التشريعية في حالة شلل تام.
وفي نظام سياسي يقوم على التوازن بين السلطات، فإن تغييب السلطة التشريعية يعد انحرافًا جوهريًا يفرّغ النظام من أحد أعمدته، ويحوّل الحكومة إلى جهة منفردة بالقرار دون رقابة دستورية حقيقية.
انعكاسات الغياب في البرلمان العراقي
تعطيل مجلس النواب في هذه المرحلة الحساسة يلقي بظلاله الثقيلة على ملفات كبرى كان يفترض أن تطرح في الجلسات القادمة، بدءًا من أزمة الرواتب والعجز المالي، مرورًا بالتحضيرات الانتخابية، وليس انتهاءً بالملفات الأمنية والاقتصادية العالقة.
ومع غياب المجلس، تظل هذه الملفات بلا غطاء قانوني، وتفقد الحكومة الجهة الوحيدة المخولة بمساءلتها، ما يعمّق اختلال التوازن بين السلطات، ويضعف ثقة المواطنين بالعملية السياسية برمّتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat