الحوار مع مثقف يعني حراك لا يهدأ من الرؤى يوقظ المسافات كي تتحد ويباغت السكون من أجل ألا يتحول الصمت إلى سكوت، ضيفنا المبدع الدكتور حسن البصام، لقب بالبصام نسبة لمهنة والده بصاما، تخرج من معهد النفط وأكمل دراسة القانون فنال الدكتوراه، له جوائز إبداعية كثيرة وكتبت عنه دراسات أكاديمية في جامعة كربلاء والناصرية.
&&&&
صدى الروضتين: ـ ما اسباب وجود ظاهرة الغموض؟
د. البصام:
ـ الغموض يُفقد المتلقي لذة القراءة والاستمتاع بالنص والتفاعل معه، وما الغموض إلا تعثر المنشئ في إنشاء وصياغة منجزه الإبداعي.
التوصيل هو الطرف المكافئ في معادلة العمل الأدبي كيف يحقق النص غايته أن لم يكن متلقيا يستوعب المعنى ويتفاعل معه...
وعلى الأغلب ينتج الغموض من عدم اكتمال التجربة والدليل على ذلك ان ابداع الكتّاب الكبار متيسر الفهم والتأثير في اشتراطات الكتابة الإبداعية وعناصرها ومقوماتها.. فالمتعثر في الكتابة يضفى على نتاجه الإبهام والغموض واللبس من أجل أن يزرع الحيرة في قلب المتلقي ويجعل هذا الشعور بعد القراءة غطاء لتعثر المنشئ وفشله الفني والأدبي لعدم اكتمال أدواته التعبيرية أو عدم اكتمال فكرته أو عدم معقوليتها.
واشير بذلك إلى الافتعال والقصدية في إيجاد غموض مصطنع وليس قابلا لتعدد وجهات النظر والتأويل..
لان اصطناع الكاتب بسبب افتعال الصياغات اللغوية والصورية غير المفهومة ربما يقصد بذلك الارتقاء بالنص إلى مراتب الرمزية، محاكاة للاتجاهات الحديثة في الكتابة، ولكن يشطح قلمه نحو الغموض..
كما أن جميع القصائد التي كتبت بأدوات الغموض والتمويه والرمزية المفتعلة تُنسى ولا يذكرها ذاكر.
&&&
صدى الروضتين: ـ بين التاريخ والادب؟
د. البصام:
ـ بينهما أواصر مترابطة لا تنفصم، قالوا بأن الشعر ديوان العرب، يعني أن الشعر قد أرخ تاريخ العرب القبائل والمهن والقتال والمواقف الشجاعة والمتخاذلة الكرم والبخل الجمال والقبح خلد رجالا ونساء سواء كانوا في القمة أو القاع.
من هنا تتجلى العلاقة الحميمة لأن أعتمد التاريخ مرتكزا للتدوين والتوصيف أي أنه اعتمد على ماديات الحياة المحفوظة في زمان ومكان ما، هنا الأدب موضوعي واقعي مقيد بتاريخ وبيئة.
ولا يمنع من كتابة قصص تاريخية بأجنحة خيال الكاتب كما فعل جرجي زيدان أو هوميروس وغيرهما. حيث تعتبر من القصص أو القصائد أو الملاحم التاريخية المذهلة والتي تحقق العلاقة الوطيدة بين الأدب والتاريخ.
والاختلاف يتجسد في أن الأدب دائما ينحو للتحرر من القيود خاصة الزمان والمكان لكونه يميل إلى التخيل والابتعاد عن الواقع المرئي إلى الواقع المتخيل.
لأن الأدب يعتمد على صياغاته المتعددة، منها ما هو مرتبط بالتاريخ ومنها ما هو مرتبط بالإنسان. كما أن الأدب المقارن ينحو باتجاه المقارنة بين النصوص التاريخية المرتبطة بثقافات مختلفة ولغة مغايرة أو موافقة مع اختلاف الثقافات.
&&&&&
صدى الروضتين نبحث عن (التعقيب) بصمة المبدع الضيف
ــــــــــــــــــــــــــــ
س1ـ البحث عن الدهشة؟
ج: ـ أي نص مهما كانت هويته الإبداعية أن لم ينشئ للقارئ دهشة أو إرباكا في صياغة الأحداث أو الشخوص ليخرجه من الروتين والرتابة النسقية للأحداث، لا يمكن أن يحتسب نصا حداثيا.
الحكايا كثيرة ومتعددة ومتنوعة ولكن تبرز أدوات الكاتب ومهارته وصنعته وإبداعه في إحالة المألوف إلى المدهش..
النص الذي يكسر رتابة المتلقي هو نص فاعل. يقول أرسطو "أن ما دفع الناس في الأصل وما يدفعهم اليوم إلى البحوث الفلسفية الأولى هي الدهشة"
الدهشة هي التي تحث الإنسان على الاكتشاف، اكتشاف الذات بالنسبة للفلسفة واكتشاف الآخر بالنسبة للإنسان الآخر وتبدأ الدهشة من الطفولة حتى آخر العمر.
وما اكتشاف قانون الجاذبية إلا نتيجة لدهشة نيوتن من سقوط التفاحة.
إن الإبداع يتنامى وسط أحساس المبدع بالدهشة وكأنه طفل يرى الظواهر لأول مرة أو ربما يرى العالم لأول مرة.
ومن هنا فان المبدع سوف يعيد صياغة الحياة من جديد.
حيث أن الدهشة وليدة الإفراط في الجمال والقبح الذي يرتقي بالإحساس إلى ذروته أو الاستغراق الذهني أو إعادة الصياغة أو الارتقاء بالعواطف أي أن الدهشة تنقله إلى مراتب السمو في التفكير أو التفرد في التفكير أو المغايرة في التفكير وبسبب ذلك قال سقراط: " الفلسفة تبدأ من الدهشة".
&&&&&
س2ـ (تشخيص نقدي)1 الاشتغال على الاستثنائي والتجريب وأدوات جديدة والانزياحات الشعرية
ج: - إن مبنى القصيدة الحديثة عمادها الاشتغال على الاستثنائي من خلال تجريب الأساليب الكتابية الشعرية الحديثة وهي تتبنى الانزياحات الجمالية التي ترفق النص القديم من النص الحديث وأن عناصر النص الحديث هو الاشتغال خارج إنساق الزمان وهو المستقبل الذي تنشده القصيدة أي أنه يتجاوز زمن كتابة النص متحركا أو محلقا إلى المستقبل واضعا بينه وبين النصوص السابقة حاجزا أو قطيعة
لأنه كتب قصيدته من خلقه وليس اعتمادا على البنى الشعرية المألوفة والمتداولة والشائعة في زمن ما وقد أخذ الشاعر بنظر الاعتبار أنه محاط بقيود الزمن وعليه كسرها والانفلات منها وهو على علم أن الزمن يستمر وما هو حالا سيصبح ماضيا .وهو يقترب من فكر الثائر المتطلع إلى التجديد دائما من خلال شحذ أدواته الشعرية وتبديلها أو تجديدها.
بدأ الشاعر بالاشتغال على الانزياحات الشعرية في الشعر الحديث، حيث أن لغة الشاعر المعاصر تعتمد على الإيحاء أكثر مما تعتمد على الدلالة اللغوية القاموسية وقد تدل المفردة على عدد من الإيحاءات والانزياح كما هو معلوم واحد من عناصر الإيحاء ويكاد يكون من أهم مرتكزات القصيدة الحديثة وهو حالة من حالات الأسلوبية ودراساتها، وما من نص أدبي أو الشعري إلا وتميز بها.
إن الانزياح هو تنحي الشيء عن موضعه أي تغير حالته وبهذه الحالة فهو الخروج عن المألوف أي أن الشاعر يستخدم اللغة في غير دلالاتها اللغوية الثابتة ومنح المفردة دلالة أو دلالات إيحائية خارج المألوف والسائد ويمكن أن يكون الانزياح لغوي بتقديم وتأخير التركيبة اللغوية للجملة أو من خلال الانزياح الدلالي مثل خلق الصورة المغايرة أو التشبيه غير المألوف أو المجاز.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat