الجفاف يهدد أهوار العراق.. التنوع الحيواني في خطر وكارثة بيئية في الأفق

كتابات في الميزان / تشهد أهوار العراق الجنوبية تدهوراً خطيراً مع تراجع مناسيب المياه وارتفاع معدلات الجفاف، ما يهدد التنوع البيئي النادر ويؤدي إلى ظواهر من حرائق وعواصف ترابية وهجرة السكان، في إنذار مبكر لكارثة بيئية تهدد الثروة الحيوانية والسمكية في المنطقة، وسط تحذيرات من استمرار تفاقم الأزمة دون تدخلات عاجلة ودعم دولي.

حذر خبراء بيئة من عواقب بيئة قاسية ناجمة عن تراجع مناسيب مياه مسطحات مائية جنوبَ العراق متمثلة بحرائق وعواصف ترابية وحالات هجرة معتبريها جرس انذار لكارثة تهدد التنوع البيئي من ثروة حيوانية وسمكية في المنطقة بعد تسجيل هور الحويزة والعظيم معدلات جفاف قياسية.

حسين هاشمي، بروفيسور هندسة موارد مائية من جامعة لوند السويدية، قال لموقع مؤسسة تومسون رويترز الكندية “هور الحويزة وهور العظيم جنوبي البصرة كانا يمثلان في يوم من الأيام مصدات طبيعية تحافظ على ترسبات ورطوبة التربة، ولكن تقلص وتراجع مناسيب المياه فيهما وعوامل التغير المناخي قد عرضت مساحات واسعة لترسبات جافة”.

وأشار التقرير الى ان العواصف الغبارية التي تسببت بحالات اختناق لكثير من العراقيين أرسلوا بسببها للمستشفيات انما هي بمثابة انذار مبكر لكارثة بيئية تنكشف في الأراضي الرطبة من مساحات الاهوار جنوبي العراق ويحذر خبراء من استمرار تدهورها كما في هور الحويزة حيث يؤدي نقص المياه فيها الى الهجرة وترك العوائل الزراعية أراضيها.

تدهور الأراضي الرطبة

وأضاف الخبير البيئي، هاشمي، بقوله إنه “مع هبوب الرياح على هذه المناطق القاحلة، فإنها تحمل معها كميات كبيرة من الغبار الناعم مما يؤدي الى عواصف اكثر تواترا وشدة، كما يهدد تدهور الأراضي الرطبة من اهوار بلاد وادي الرافدين امكانية استمرار حياة برية فريدة متنوعة من طيور وسلاحف وأسماك فضلا عن نباتات مائية”.

وكانت منظمة اليونسكو قد أدرجت هور الحويزة ضمن لائحة التراث العالمي بسبب التنوع البيئي الذي يتمتع به مع ارثه الحضاري، وتم تصنيفه كمناطق اهوار رطبة ذات أهمية عالمية بإدراجه ضمن قائمة مؤسسة رامسار وهي أكبر قائمة للمناطق المحمية في العالم.

ويعتبر هور العظيم أيضا كمصدر حيوي للغذاء والسياحة وفرص العمل ولكنه مهدد بالجفاف الان. ترابي هاغيكي، بروفسور إدارة موارد مائية بجامعة أولو في فنلندا، قال “ساهم هذا التدهور في نزوح مجتمعات محلية مع زيادة الفقر وانخفاض الإنتاج الزراعي”.

مشيرا الى ان ذلك ساهم أيضا في خسائر كبيرة بجانب التنوع البيئي من الحياة البرية هناك شملت غياب أنواع من الطيور المهاجرة وتناقص في الأسماك المحلية وأصناف أخرى من الحياة المائية.

وكان مرصد العراق الأخضر البيئي قد حذر من جفاف مناطق سياحية عالمية في اهوار العراق التي أدرجت ضمن لائحة التراث العالمي بسبب نقص المياه وهجرة أهلها الى مناطق أخرى ونفوق حيوانات تعيش فيها، ويعود ذلك لأسباب متعددة منها سياسات بلدان الجوار في بناء السدود ونقص التدفقات المائية فضلا عن تبعات التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة التي تضرب بشدة مثل هذه المناطق وتسبب جفافها.

التطرف المناخي

واكد المرصد بان التطرف المناخي ينذر بكوارث في المستقبل من خلال جفاف مناطق سياحية عالمية خلال السنوات المقبلة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتبخر المياه ومن ثم قلتها في هذه المناطق، مشيرا الى ان المشهد الذي حصل في الاهوار يمكن ان يتكرر ما لم توضع حلول لمشكلة المناخ، خصوصا مع بعض الدول التي تسببت بحصول مثل هذه الحالات.

وأضاف المرصد بقوله إن جفاف هذه المناطق السياحية يعد خسارة بالنسبة للبلد خصوصا ما يتعلق بالجانب الاقتصادي مع غياب السياح وقلة فرص العمل للسكان المحليين.

وكانت منظمة اليونسكو قد اكدت الجمعة خلال مشاركتها اعمال مؤتمر الاعلام العربي في بغداد عن استعدادها لدعم جهود العراق في التخفيف من آثار التغير المناخي والاحتباس الحراري.

اتفاقيات المناخ الدولية

وقال ممثل اليونسكو في العراق، تاب راج بانت، ان المجتمع الدولي مستعد لمساندة كل الجهود التي يبذلها العراق الرامية الى التخفيف من آثار التغير المناخي والاحتباس الحراري داعيا الى تعزيز دعم الاعلام البيئي وتفعيل الالتزامات ضمن اتفاقيات المناخ الدولية، وكذلك تفعيل دور المنظمات الدولية في مواجهة التحديات المناخية والآثار القاسية الناجمة عن التغير المناخي وتسليط الضوء على المخاطر المناخية التي تهدد العراق المصنف دوليا من بين أكثر البلدان في العالم تأثرا بالتغيرات الجغرافية والمناخية.

من جانب آخر، أطلق مدير عام منظمة الفاو FAO للأغذية والزراعة، شود ونيو، بالتعاون مع وزارات البيئة والموارد المائية والزراعية العراقية، مشروعا ممولا من صندوق المناخ الأخضر (GCF) بعنوان “تعزيز القدرة على مواجهة التغير المناخي لسبل عيش المزارعين المتضررين في جنوبي العراق”.

ويهدف المشروع، الذي تبلغ اجمالي استثماراته 39 مليون دولار، الى تعزيز قدرات الاسر الريفية لمواجهة تبعات التغيرات المناخية وتدهور الأراضي وشح المياه، ويشارك في تمويل المشروع كل من كندا والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي. وتتضمن تدخلات المشروع تحديث أنظمة الري لتحسين كفاءة استخدام المياه ونشر تقنيات الري باستعمال الطاقة الشمسية.

الموضوع السابق الأمن الوطني يفكك شبكة فساد بـ 3 محافظات