العامرية.. من ملجأ إلى متحف يخلّد فاجعة في تاريخ الألم العراقي
كتابات في الميزان/ خطط قائمة لتحويل ملجأ العامرية إلى متحف، ليروي فصلًا من فصول معاناة الشعب العراقي، ولتخليد ذكرى الضحايا الذين سقطوا بضربات الطائرات الأميركيّة عام 1991.
وأعلنت دائرة المتاحف العامة في الهيئة العامة للآثار والتراث، اليوم الأحد، عن التوجه لتحويل ملجأ العامرية الى متحف.
ملجأ العامرية يتحول إلى متحف
وقالت مدير عام الدائرة، لمى ياس الدوري، في بيان، إنه “استناداً لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني وإشراف وزير الثقافة والسياحة والآثار، أحمد فكاك البدراني ومتابعة رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث، ترأسنا وفداً لزيارة ملجأ العامرية في بغداد وأطلعنا على أعمال الصيانة والتأهيل الخاصة بتحويله إلى متحف”.
وأوضحت الدوري أن “الوفد ضم عدداً من الملاكات الهندسية في وزارة الثقافة والسياحة ودائرة المتاحف العامة لمتابعة أعمال الصيانة والتأهيل استعداداً لإعادة افتتاحه كمتحف يؤرخ لحدث مؤلم مر به الشعب العراقي”.
3 عقود من غياب العدالة
بعد اندلاع حرب الخليج، كان العراقيون يتوجّهون هربًا من القصف ووحشة الليل وانقطاع الكهرباء، نحو الملاجئ للتجمّع.
وكان ملجأ العامرية أو “ملجأ 25″، إحدى الأماكن التي يمضي فيها العراقيون أيامهم تحت القصف، في حيّ العامرية/ غرب بغداد، قبل أن تقصفه الطائرات الأميركيّة، ليلة 13 شباط/ فبراير 1991، فأصيب بقنبلتين صُنعتا خصيصًا لقصفه، ما خلف أكثر من 480 ضحية، معظمهم من النساء والأطفال.
ورغم تكرار المآسي والفواجع الدامية على العراقيين خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن المجزرة ما زالت تحفل باهتمام واسع بين العراقيين.
وما زال العراقيون يستذكرون ضحايا مذبحة ملجأ العامرية بقصص وصور منددين بما أسموه اختطاف العدالة، معتبرين أن الجرائم لا تسقط بالتقادم.
الموقع
يقع ملجأ العامرية بحي العامرية غرب العاصمة بغداد، وهو واحد من 38 ملجأ شيدتها الحكومة العراقية في أوائل الثمانينيات لحماية المدنيين.
ومساحته 500 متر مربع، ويحتوي على طابقين علوي وسفلي وثالث تحت الأرض ويستوعب حوالي ألف شخص، بني خاصًا للتحصن من ضربات الأسلحة غير التقليدية.
قصف الملجأ
تعرض الملجأ -الذي يسمى أيضا رقم 25- لقصف من طائرتين أميركيتين من نوع أف-117 صباح يوم 13 فبراير/شباط 1991 بصاروخين موجهين بالليزر صمما خاصًا لهذا الغرض وجربا للمرة الأولى في ذلك اليوم.
اخترق الصاروخ الأول السقف فأغلق أبواب الملجأ.
أما الثاني فقد انفجر داخل الملجأ الذي وصلت درجة حرارته إلى آلاف الدرجات المئوية فانصهرت أجساد المدنيين الموجودين آنذاك بداخله من الرجال والنساء والأطفال.
كما لم ينج إلا 11 شخصًا فقط قذف بهم زلزال القنبلة الأولى للخارج.
ولا إحصائية دقيقة لعدد الضحايا الذين كانوا داخل الملجأ الذي يتسع لنحو 1500 شخص.
فقد أكدت بعض المصادر أنه تم استخراج حوالي 400 جثة.
لكن مصادر أخرى اكدت أن جثثًا كثيرة تلاشت بسبب الحرارة الشديدة، وهو ما يجعل عدد الضحايا أكثر من الأرقام المعلنة.
من جانبها، حاولت الإدارة الأميركية تبرير هذه الجريمة بأن الملجأ مقر عسكري.
لكن انتشار صور المأساة والفجيعة في الإعلام اضطر البنتاغون للاعتراف في ما بعد بأنه قصف عن طريق الخطأ.
فقد أوردت صحيفة الصنداي تايمز بعد قصف الملجأ بأربعة أيام تصريحًا لمصدر في البنتاغون وصفته بالرفيع، اعترف فيه بارتكاب البنتاغون خطأ ضرب ملجأ العامرية، مرجعًا ذلك إلى قِدم المعلومات التي صنفته كملجأ عسكري.
ذكرى الفاجعة
تحوّل الملجأ إلى شاهد على الجريمة التي صنفت بالفجيعة البشرية حيث أبيدت عائلات بكاملها.
وتخليدًا للذكرى بني نصب كبير، وهو عمل نحتي فني أنجزه علاء بشير، سمي بــ”الصرخة” على شكل رأس إنسان محشور وسط قوالب حجرية قوية، ووجه متوتر يصيح من شدة الألم، بشكل يجسد الرعب الذي عاشه ضحايا قصف الملجأ.
كما خلدت ذات الذكرى بفيلم روائي بعنوان “الفجر الحزين”.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat