حدث اليوم شيء غريب، ويبدو أنني وحدي التي أراه.
منذ عودتنا للقرية بعدما حررها الحشد الشعبي، وأنا أراقب النجوم ليلا فأراها تشع باتجاه نقطة معينة من الحقل، كتلة من نور، منظر يبهج الخاطر تجتمع حولها الطيور الجميلة بكل أنواعها، أخبرت أمي بالأمر وعرف أبي حكايتي فلم يعيرا الأمر اهتماما، صرت أراقب الحقل ليلا نهارا عساني أعثر على نقطة النور، أمي تحذرني دائما ولا تريدني أن أخبر أحدا من أهل القرية، ولا أعرف كيف تسرب الخبر إلى أهل القرية فصار الجميع يتحدث بالأمر، لكنهم غيروا الصورة إلى ما يشتهون، قالوا:
ـ إن مزرعة الحاج حمود مسكونة بأرواح من الجن، وإن ابنته خديجة المسكينة أصابها مس من الجن، صار الجميع يراقب حقلنا وتقولوا عنه الأقاويل، وألفوا عشرات الحكايات وحفظوها عن ظهر خاطر، وكل راو يضيف لها ما يشاء
صار البعض الآخر يحكي مشاهداته حتى صار الناس يؤمنون بوجود الجن في مزرعتنا، وصاروا يحذرون التقرب منها ليلا لأنهم تأكدوا من النجوم التي تشع باتجاه نقطة من أرض المزرعة
جالت برأسي فكرة أن أذهب ليلا إلى المزرعة لأكتشف الحقيقة التي أرعبت الناس، يمتلكني الخوف فأؤجل الموضوع، وما تزال فكرة الذهاب ليلا إلى لمزرعة يقظة في رأسي، وعشق الناس حكايا الجن في المزرعة التي كانت آخر القرى المحررة
العجائز عشقن موضوع الجن
امرة تقول سمعت الجني يؤذن فجر كل يوم، وادعت أخرى أنها رأته يصلي
- قال الشيخ عبد الله مؤذن الجامع جرت هنا معارك كبيرة خاضها رجال الحشد لتحرير هذه القرية فقاتلوا في جميع مزارعها واعتقد أن في مزرعة الحاج حمود قبر شهيد من شهداء الحشد الشعبي، هو مجرد تخمين
ربما صدم الكثير من الناس الذين يعشقون قصص وحكايات الجن، وذات ليلة حالكة العتمة قررت أن أدخل المزرعة معتمدة على نفسي وما الهمني الله من شجاعة، كلما أتقدم صوب المزرعة أقترب للضوء، وما أن دخلت الحقل رأيت النور، وصلت إلى البقعة المشعة، شعرت بأنفاس الأرض، نسيت خوفي، مددت يدي اليها وإذا بها لؤلؤة تبتسم بين كفي، لؤلؤة تشبه القلب، وتنبض بالحياة
أيقظت من في الدار، استيقظ العالم كله لحظتها وأنا اصيح:
ـ ماما، بابا أني عثرت على لؤلؤة نادرة
نظر أبي اليها، وضعها بين يديه وقال:
- نها لؤلؤة غريبة وأغرب ما فيها أنها تتنفس، وأشعر أنها من لحم ودم
اجتمعت الناس في بيتنا في اليوم الثاني، حملت مي اللؤلؤة بين كفيها ونساء المزرعة يحسدونها:
ـ لقد اصبحتم اثرياء يا أم خديجة
يقول الرجال أن الله رزقكم مكافأة لصبركم، بينما شيخ القرية ومؤذنها، يقول أنها من لحم ودم، إنها قلب شهيد
هذه اللؤلؤة لا تباع يا حاج حمود، ستبقى رمزا لمن تركوا مساكنهم وأهليهم وجاءوا ليجلبوا لنا الحرية
إنها بركة تطرد الشر، وتجلب الخير
ولنقرأ لروح الشهداء الفاتحة مقرونة بالصلوات
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat