كتابات في الميزان
كتابات في الميزان

انقلاب‌ أللاموقف‌ إلى الموقف‌ المضاد

 

إن ‌مسالة‌ الصراع‌ لا تتحمّل‌ ( أللاموقف‌ ) ، فإذا لم‌ يتحمّل‌ الإنسان الموقف‌ الصعب‌ و ضعف‌ عن‌ اتخاذ موقف‌ الحق‌ فلا يمكن‌ أن‌ يبقى‌ من ‌دون‌ موقف‌ إلى الأخير ، و إنما ينقلب‌ أللاموقف‌‌ في‌ حياته‌ إلى موقف ‌مضاد .
و السبب‌ في‌ انقلاب‌ اللاموقف‌ إلى الموقف‌ المضاد هو السبب‌ في ‌انقلاب‌ الموقف‌ إلى اللاموقف‌ و هو الجزع‌ من‌ الموت‌ .
فإن الجزع‌ من‌ الموقف‌ إذا كان‌ يدعو الإنسان إلى التخاذل‌ من‌ الحق ‌إيثارا للعافية‌ ، فإن الطاغية‌ لا يتركه‌ إلى الأخير عنصراً غير ذي‌ لون‌ ، و إن ما يصبغه‌ بصبغته‌ و يسوقه‌ إلى جانبه‌ ، و نفس‌ السبب‌ الذي‌ أعجزه‌ عن‌ اتخاذ الموقف‌ الحق‌ يعجزه‌ عن‌ الامتناع‌ من‌ الانحدار إلى الباطل‌ ، و بذلك‌ يتم ‌تصنيفه‌ في‌ جهة‌ الباطل‌ ، فإن ‌ساحة‌ الصراع‌ ـ كما ذكرنا ـ لا تترك‌ الإنسان‌ من‌ دون‌ تصنيف‌ ، فإن لم‌ يبادر الإنسان ليُصنّف‌ نفسه‌ ضمن‌ جبهة‌ الحق ‌الذي‌ يؤمن‌ به‌ ، فإن ‌الساحة‌ تُصنّفه‌ ضمن‌ الخط‌ الحاكم‌ ، فيكون‌ عندئذٍ من ‌جند الطاغية‌ و إن كان‌ قلبه‌ و رأيه‌ في‌ اتجاه‌ معاكس‌ .
و هنا ينشطر الإنسان شطرين‌ متعاكسين‌ : رأيه‌ ( عقله‌ ) ، و عاطفته‌ ( قلبه‌ ) في‌ اتجاه‌ الحق‌ ، و موقفه‌ و موضعه‌ الرسمي‌ ( إرادته‌ ) المعلن‌ في ‌اتجاه‌ الباطل‌ .
و هذه‌ هي‌ ظاهرة‌ انفلاق‌ الشخصية‌ ، حيث‌ تنشطر شخصية‌ الإنسان‌ إلى‌ شطرين‌ متخالفين‌ : فيفقد الإنسان الانسجام‌ في‌ شخصيته‌ ، و يتضارب‌ ظاهره‌ مع‌ باطنه‌
 

طباعة
2024/02/26
1,013
تعليق

التعليقات

لا توجد تعليقات على هذا المقال بعد. كن أول من يعلق!