القمة العربية الاسلامية: العرب أشبعونا كلاما والصهاينة أشبعونا قصفا
د . أنيس الخصاونة
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . أنيس الخصاونة

لم ينتابني قط حزنا وإحباطا بقدر ما شعرت به وانا اتابع كلمات القيادات العربية والاسلامية في المؤتمر الاستثنائي للقمة العربية والاسلامية في المملكة العربية السعودية.كلمات مكرورة وخطابات ومواقف لا ترقى الى مستوى الفظائع والمجازرالتي يتعرض لها اهلنا في غزة والضفة الغربية.الحدث الجلل لا يحتاج الى توصيف ولا تفصيل فقد تابع الناس في مشارق الارض ومغاربها بالصوت والصورة ما يحدث وأصبحت إدانة المجازر وقصف المدنيين والتدمير وتجريم الطغيان الاسرائيلي مصطلحات لا تغني ولا تسمن من جوع .
القيادات الامريكية والصهيونية اعتادت على الخطاب العربي ولا تأبه له كثيرا لانها تدرك تماما ان هذه الدول لها مواقف اخرى ،وان ما يعلن عنه يأتي في سياق علم الكلام(Rhetoric) وهو كلام موجه لاسكات الشعوب.
في المجمل وباستثناء التأثير الاعلامي فلا جديد في المؤتمرالاسلامي العربي، واسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة ماضيتين في تحقيق اهدافهما في غزة.لا اعلم ما الجديد في تأكيد ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد !،ولا أعلم ما قيمة مطالبة الدول بعدم تصدير الاسلحة الى اسرائيل علما بأن امريكا هي المورد الوحيد للأسلحة للكيان المحتل ،وهي شريك في الحرب من خلال مسيراتها واساطيها وبوارجها وخبرائها العسكريين والمعلومات الاستخبارية وغيرها!
لا ينفع اللطم والشجب فهو لا يوقف قصفا ولا يمنع تجويعا ،واعتقد ان قيام مصر والاردن بإعادة النظر باتفاقيتي السلام بين البلدين من جهة وبين اسرائيل من جهة اخرى قد يكون له أثر أكثر وزنا من قرارات القمة وتوصياتها. اسرائيل وامريكا تدركان تماما ان مواقف الدول العربية والاسلامية المشاركة في القمة متباينة مما جعل القواسم المشتركة بينها تقتصر على الاستنكار والعويل على الدمار والمجازر التي ترتكب في غزة.معظم الدول العربية المشاركة في المؤتمراستقبلت وزير الخارجية الامريكي بلنكن قبل انعقاد او تلقت اتصال هاتفي من الرئيس بايدن مما يجعل مواقف هذه الدول متأثرة بالموقف الامريكي.
كان يمكن للمشاركون في مؤتمر القمة الاسلامي العربي أن يتبنوا اجراءات عملية لوقف الحرب على غزة مثلا عدم السماح للطيران التجاري الاسرائيلي على استخدام المجال الجوي لكل دولة،وتجميد التنسيق الأمني بين اسرائيل وكل من مصر والاردن،وتجميد اتفاقية الغاز بين الاردن واسرائيل،وتجميد اتفاقيات التبادل التجاري مع اسرائيل ،وإلغاء الاستثمارات الاقتصادية المشتركة بين اسرائيل ودول الخليج .
بشاعة العدوان على غزة لا تحتمل لجان ومتابعات دبلوماسية ومخاطبات للأمم المتحدة ومنظماتها التي تسيطر على معظمها الولايات المتحدة. فالتهجير بدأ فعلا من شمال غزة الى جنوبها ،ومراحل التجويع والرعب والتخويف عادة ما تسبق مرحلة دفع الناس للهجرة الطوعية خارج الحدود.مخاطبة مجلس الامن لوقف العدوان على غزة ربما كان هو القرار الوحيد الذي يمكن ان ينفع اهل غزة ويجنب المنطقة توسع الصراع وتداعيات انخراط اطراف أخرى فيه علما أن مثل هذا القرار لن يتم ترجمته الى واقع فعلي بوجود الفيتو الامريكي.
لم يعد ينطلي على المواطن العربي في طنجة والمنامة وبغداد والكويت وعمان والقاهرة ذلك التماهي الذي تبديه كثير من القيادات العربية مع السياسات والمواقف الامريكية.نعم لن تستطيع القيادات العربية ان تتخذ مواقف وطنية مستقلة مبنيه على مصالح شعوبها ما دامت القواعد الامريكية تنتشر على اراضي العديد من الدول العربية..ولن تستطيع بعض الدول العربية ان تتخذ قرارات سيادية مستقلة ما دامت تتلقى مساعدات ماليه وعينية بالمليارات من الولايات المتحدة التي تحمي اسرائيل من أي عقوبات دولية عبر استخدامها للفيتو الامريكي على اي مشروع قرار عربي ضد اسرائيل. إن حالة الإزدواجية بين المواقف المعلنة للدول العربية تجاه الحرب على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام وبين تماهي سياساتها الفعلية مع المواقف والسياسات الامريكية قد افقد المؤترات العربية من محتواها وقيمتها لدرجة ان هذه المؤتمرات اصبحت مجالا للتندر والسخرية.مخرجات مؤتمر القمة الاسلامي العربي ينطبق عليها القول أشبعتونا كلاما والاحتلال أشبعنا قصفا…
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat