اليوم الوطني خطوة للأمام لاستقلالية العراق… فما قصته؟


ما هي قصة اليوم الوطني الذي احتفل به الشعب العراقي وذلك بعدما سقطت لفترة طويلة الأعياد الوطنية وذكرى الثورة؟

وقبل عام 2003، طغت المناسبات المرتبطة بحزب البعث وتاريخه على الأعياد الوطنية، واعتادت المؤسسات المحلية والسفارات الخارجية العراقية الاحتفال بذكرى الانقلاب على الحكم الملكي كل عام، باعتباره “عيداً وطنياً”.
وبعد سقوط نظام صدام حسين، سقطت معه أعياده الوطنية وذكرى “الثورة”، ما خلق فراغاً تطلّب إجراء نقاشات واسعة بشأن اليوم الذي يفترض أن يصبح عيداً وطنياً جديداً للدولة.

لم يكن الأمر سهلاً هذه المرة، فالساحة السياسية تعجُّ بالخلافات بين أقطابٍ متنافرة يصعب التوفيق بينها، تعدّدت الاقتراحات المطروحة للنقاش بين عيد تتويج فيصل الأول ملكاً على العراق في 23 أغسطس 1921، أو 30 يونيو ذكرى انطلاق “ثورة العشرين” التي اشتركت بها أغلب شرائح المجتمع ضد الاحتلال الإنجليزي، أو 15 يوليو ذكرى انقلاب عبدالكريم قاسم الذي أنهى الحكم الملكي في البلاد وأعلن قيام الجمهورية العراقية، مروراً بيوم 9 أبريل الذي سقطت فيه بغداد رسمياً بين أيدي قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتبنّي جماعات شيعية اعتبار اليوم الذي أصدر فيه المرجع الديني علي السيستاني فتوى “الجهاد الكفائي” لقتال “داعش” يوماً قومياً.

لكن رفضت هذه المقترحات جميعاً.

إزاء هذا التعثّر بقي العراق من دون “يوم وطني” تجتمع على الاحتفال به كافة مكوناته منذ 2003، سنوات طال فيها الاضطراب السياسي والخلافات الحزبية حتى تأجّل الموضوع لسنوات طويلة إلى أن جرى الاستقرار أخيراً على يوم 3 أكتوبر.
في 2008 استقرّ الرأي على الاحتفال بيوم 3 أكتوبر، لكن هذا القرار ظلَّ غير مفعل حتى عام 2020، حين   أعاد مجلس الوزراء التصويت على تفعيل اختيار هذا اليوم عيداً وطنياً جامعاً للبلاد، وهو ما جرى في سبتمبر 2020، ليشهد العام نفسه الاحتفال بالعيد لأول مرة.

وزير الثقافة العراقي الأسبق، حسن ناظم،  كشف كواليس اختيار هذا الموعد تحديداً، موضحاً: “كان هناك العديد من المقترحات، لذا شكّل رئيس الوزراء لجنة لاختيار موعد مناسب، فقليلة هي الأيام التي تصلح لتكون يوماً وطنياً لجميع العراقيين”.

وأضاف أن اللجنة الحكومية “خاضت نقاشات مستفيضة مع مؤرخين وباحثين انتهت إلى تعيين هذا اليوم”.

خلال مناقشة هذا المقترح الحكومي في البرلمان، حظي برضا من أغلبية القوى إلا كتلة الاتحاد الوطني الكردية بدعوى أنه يوافق يوم وفاة جلال طالباني الرئيس العراقي الراحل، إلا أن قوباد طالباني (نجله) تراجع عن هذا الرفض لاحقاً ووافق على الموعد.
عقب ثورة العشرين تم تنصيب فيصل بن الحسين ملكاً على العراق بدعمٍ بريطاني، لكنه تمتّع باستقلالٍ كبير في إدارة شؤون حكومته.

وفي 1930 جرى توقيع معاهدة تنصُّ على انسحاب الإنجليز من بلاد الرافدين والسماح لها بتدشين علاقات دبلوماسية مستقلة مع دول العالم خلال عامين.

وفي 3 أكتوبر 1932 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة (عُصبة الأمم كما كانت تعرف وقتها) على طلبٍ تقدّمت به المملكة العراقية حمل توقيع رئيس وزرائها نوري السعيد للانضمام إلى الأمم المتحدة.

بحسب التقييم الدولي وقتها، فإن العراق في هذا التاريخ استكمل كافة “مقومات الدولة” المتمثلة في امتلاك حكومة مستقلة تحظى بالاعتراف الدولي وتمتلك مصادر مالية كافية لسد نفقاتها وأيضاً تملك نظاماً قضائياً تحكم به رعاياها.
وفقاً لكل هذه المقومات، بات العراق مؤهلاً للخروج من تبعية “الانتداب” التي فرضت عليه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بإشرافٍ بريطاني، وبهذا أصبح أول دولة عربية تنضمُّ إلى الأمم المتحدة.

لذلك، اعتقدت الحكومة العراقية أن هذا اليوم تحديداً يُعدٌّ مناسبة جامعة لكل أطياف العراقيين فهو يوم اعتراف العالم بقيام دولتهم المستقلة وأنها يُمكنها إدارة شؤونها بنفسها.
أعلنت أمانة بغداد تنظيم احتفالات في جميع مناطق العاصمة لمدة يومين احتفاءً بالعيد الوطني، فيما خرج المواطنون العراقيون إلى شوارع المدن الرئيسية مثل بغداد والبصرة وكركوك وغيرها من أقاليم العراق الكبرى، واحتفلوا بذكرى هذه المناسبة رافعين الأعلام العراقية وهم ينشدون أغاني الفرحة والفخر ببلادهم.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اعتبر بدوره، أن “ظهور الدولة العراقية الحديثة وانضمامها إلى عصبة الأمم، استمرار لعنفوانها الحضاري والثقافي”.

واحتفالاً بهذه المناسبة، وجه أمراً بفتح المنطقة الخضراء أمام المواطنين حتى الفجر.

ومن المنتظر أن يدفع نجاح العراق في الاستقرار على يومٍ وطني، تفعيل إجراءات تغيير النشيد الوطني الذي جرت الكثير المناقشات بشأن تغييره، لكنها لم تحظَ بأي توافق حتى هذه اللحظة.

المصدر: ارفع صوتك


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/10/05



كتابة تعليق لموضوع : اليوم الوطني خطوة للأمام لاستقلالية العراق… فما قصته؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net