بعد إنفاق 81 مليار دولار.. العراق يلجأ لـ “المقايضة” لـ “حل أزمة الكهرباء”!

مع تصاعد الأصوات المطالبة لـ حل أزمة الكهرباء المتجددة سنويًا، أطلّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في خطاب متلفز مساء أمس معلنًا التوصل إلى اتفاق مع طهران لمقايضة الغاز الإيراني بالنفط الخام والأسود العراقي، وهو اتفاق تمّ توقيعه فعلًا في بغداد أمس.

تفترش أسرة أبو ليث حديقة المنزل في بغداد كل ليلة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، في بلد أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء بحسب خبراء، من دون أي فائدة بسبب الفساد وارتباط الملف بصراع واشنطن وطهران.

وينقطع التيار الكهربائي في العراق انقطاعًا مستمرًا ومتواصلًا لساعات طويلة يوميًا، والمولدات الخاصة لا يمكنها تشغيل أجهزة التبريد كما يقول أبو ليث.

موضحًا أن “الانقطاع يصل أحيانًا في منطقة الكرادة وباقي المناطق إلى أربع ساعات وست ساعات في اليوم، في ظل ارتفاع درجات الحرارة”.

ويضيف: “لسنا وحدنا من يفترش حديقة المنزل هربًا من جحيم المنزل، فالأسر الأخرى المجاورة لنا تفعل ذلك أيضًا، لأن المولدات لا تكفي لتبريد المنزل… ونضطر إلى استخدام المهفاة اليدوية من أجل الأطفال والمرضى”.

وتعتمد غالبية الأسر العراقية اعتمادًا كبيرًا على شراء كميات محدودة من الطاقة من أصحاب المولدات الخاصة المنتشرة في المناطق السكنية.

ويشهد العراق ارتفاعًا في درجات الحرارة تصل إلى 45 حتى 50 درجة مئوية في فترات من فصل الصيف.

وقبل إعلان السوداني توقيع الاتفاق مع إيران، شنّت قوى عراقية حليفة لإيران، حملة لتحميل الولايات المتحدة مسؤولية أزمة الكهرباء.

لكن اللافت كان تصريح مسؤول إيراني يعزو المشكلة إلى “عطل تقني”.

وحمّل “الإطار التنسيقي” واشنطن مسؤولية أزمة الكهرباء بسبب عدم موافقتها على تحويل الأموال العراقية المرصودة لمصلحة إيران والبالغة أكثر من مليار و200 مليون دولار أميركي تبعًا للعقوبات المفروضة على طهران.

 لكنّ مدير شبكة التوزيع في شركة الغاز الإيرانية محمد رضا جولائي أكد استمرار صادرات الغاز إلى العراق.

لافتًا إلى “عطل” في الشبكة تسبب بانخفاضها في الأيام الأخيرة.

ونقلت وكالة أنباء “فارس” عنه قوله إن “ثمة عطلًا في شبكة الغاز غرب البلاد تسبب بانخفاض الصادرات إلى العراق بحدود 5-10 ملايين متر مكعب يوميًا في الأيام القليلة الماضية”.

وأضاف أن “صادرات الغاز إلى العراق مستمرة وستستمر، ولكن بسبب الحرارة الشديدة في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من البلاد، تعطلت كفاءة المعدات في قطاعي الإنتاج والنقل، ما أثر بشكل سلبي على نقل الغاز إلى الشبكة في غرب البلاد”.

لافتًا إلى أن “متوسط صادرات الغاز اليومية إلى العراق كان 30 مليون متر مكعب الشهر الماضي، وقد وصل هذا الرقم إلى 21 مليون متر مكعب خلال هذا الشهر”.

وثمة من رأى في تصريحات المسؤول الإيراني إحراجًا لحلفاء طهران في العراق، باعتبارها “تفضح محاولة تحوير الحقائق برمي المسألة على الجانب الأميركي حصرًا، وعدم ذكر السبب التقني الذي تعلنه طهران بنفسها”.

 ويقول الخبير في الطاقة فائق الدباس إن “عشرات مليارات الدولارات صُرفت لـ حل أزمة الكهرباء، لكن من دون تحقيق أي فائدة بسبب الفساد وسيطرة واشنطن على ملف المشاريع الكهربائية، حتى أن طهران أخذت تلعب على هذا الملف عبر بوابة الغاز”.

ويضيف أن “العراق من أكبر منتجي النفط في أوبك، لكنه لم ينجح بعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز في ظل حرق معظم الغاز المرافق للنفط المستخرج، وعلى الحكومة أن تستثمر الغاز وتنوع مصادر الطاقة من باب الخليج والسعودية تحديدًا”.

وتتحمل موازنة العراق أعباءً كثيرة من أجل استيراد الغاز الإيراني، لتأمين الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء.

 وقامت السلطات الإيرانية، أخيرًا بقطع توريد الغاز اللازم لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية في العراق، في وقتٍ تجاوزت فيه درجة الحرارة 51، مما تسبب في خروج أكثر من ستّ محطات لتوليد الطاقة عن الخدمة.

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، إن “إيران قطعت الغاز عندما بلغت درجة الحرارة 51 درجة مئوية دون سابق إنذار.

مشيرًا إلى أن محطاتنا أصبحت (حجرًا) كوننا لا نمتلك الغاز الكافي”.

وأضاف في تصريح تلفزيوني أن “محطة المنصورية والصدر الغازية وجنوب بغداد والرشيد والتاجي وخور الزبير ومحطات أخرى تعرضت للإطفاء أو التحديد بسبب تخفيض الغاز المورد من الجانب الإيراني”.

وتابع: “لم نتسلم إشعارًا من الجانب الإيراني بشأن خفض الغاز، بل كان التخفيض مفاجئًا، وسألنا الجانب الإيراني عن سبب خفض الغاز المورد، فأجابوا أن إيران لديها أموال لدى العراق يجب تسديدها”.

وأواخر يونيو/ حَزِيران، أكّد موسى لـ”فرانس برس” أن وزارته أودعت ما عليها من مستحقات إلى الجانب الإيراني مقابل واردات الغاز لدى صندوق الاعتماد في المصرف العراقي للتجارة.

مبينًا أن المبلغ المستحق لإيران 11 مليار دولار”.

 ويقول المراقب للشأن الداخلي العراقي بهاء خليل إن “مشكلة الكهرباء ستتفاقم أكثر بسبب غياب الحلول الحكومية والفساد المستشري، بالإضافة إلى أن موضوع قطع الغاز من الجانب الإيراني عن العراق كان بطريقة غريبة ومستفزة”.

موضحًا أن “طهران تتعمد استنزاف أموال العراق وتمنع إقامة مشاريع لاستثمار الغاز العراقي أو تنويع مصادر الطاقة من طريق الربط مع الخليج عبر أطرافها السياسية والمسلحة المتغلغلة في البلاد، لأنها لا تريد أن تمنع عن نفسها موردًا ماليًا كبيرًا تحصّله من العراق”.

وتحاول السلطات العراقية تنويع مصادرها من الغاز والطاقة، كالاستيراد من الخليج، لا سيما من قطر والسعودية ومحليًا عبر استغلال الغاز المرافق لإنتاج النفط الذي يُحرق ويعد مصدرًا كبيرًا للتلوث، وذلك بهدف تقليل اعتمادها على الغاز الإيراني.

وكانت لجنة الكهرباء والطاقة النيابية قد ذكرت، في بيان، أن الحكومة العراقية تضغط على الولايات المتحدة لإبعاد ملف الطاقة عن الحسابات السياسية.

وقال رئيس اللجنة محمد نوري العبدربه، إن “العراق وفى بجميع التزاماته المادية، وكل ما في ذمته من أموال تجاه إيران التي نأمل منها النظر إلى العلاقات التاريخية بين البلدين”.

معتبرًا أن أصل المشكلة هو العقوبات الأميركية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/12



كتابة تعليق لموضوع : بعد إنفاق 81 مليار دولار.. العراق يلجأ لـ “المقايضة” لـ “حل أزمة الكهرباء”!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net