صفحة الكاتب : سالم مشكور

فرصة لديمقراطية حقيقية
سالم مشكور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عشرون عاماً والعراق يعيش نظاماً يسمى بالديمقراطي التوافقي، استلهاماً من نظرية الديمقراطية التوافقية التي ابتدعها "آرنت ليبهارت" كمفهوم جديد تطور في أوروبا وبالذات في البلدان غير المتجانسة قومياً. ولعل أهم ما طرحته هذه النظرية التوافقية هي العناصر الأربعة التي تميّزها وهي "حكومة ائتلاف أو تحالف واسعة (تشمل حزب الأغلبية وسواه) ومبدأ التمثيل النسبي ( في الوزارة، في الإدارة، والمؤسسات، والانتخابات أساساً، حق الفيتو المتبادل).

هذا يعني باختصار أن المكونات تتقاسم السلطة ومواقعها التنفيذية وفق تمثيلها النسبي، وهو ما يفرز ظاهرة المحاصصة، التي تعدت المكونات العرقية الى الطائفية والسياسية. لكن التناقض يقع عندما تنص النظرية على أن كل مكون يملك حق الفيتو تجاه المكونات الأخرى، وهنا ينتفي دور التمثيل النسبي ما دام القرار يقوم على شرط قبول جميع الأطراف.

في لبنان والمشرق جرى تداول هذه النظرية والتبشير بها إبّان الثمانينيات واعتبرت طريقاً لحل النزاع اللبناني الداخلي خلال مؤتمر الطائف عام 1990، وعليه جرى اعتمادها ليصل لبنان الى ما هو عليه اليوم من تفكك وانهيار شبه كامل.

في العراق جرى تطبيق ما سُمي بالديمقراطية التوافقية في 2003 وخلال تسعة عشر عاماً وصل العراق الى طريق مسدود إذ باتت المحاصصة وسيلة لتقاسم النفوذ وتحقيق المكاسب الحزبية وأصاب الشلل جميع المرافق وغاب الإنجاز بسبب الإعاقات المتبادلة (الفيتو المتبادل)، وتعمّق الفساد وتوسع حتى شمل كل الأطراف تقريباً، وما زلنا نعتبر نظامنا ديمقراطياً.

فشل تطبيق هذه النظرية، ولم يعد صاحبها يسميها بالديمقراطية، بل بالنظام التوافقي الذي اثبتت التجارب فشله في أغلب الدول التي اعتمدته. فلا معنى لأن يشارك الجميع في السلطة وهناك برلمان لا يستطيع أن يشرّع ويراقب لأنه محكوم بتوافقات قلّما تحصل وإن حصلت فتكون على شكل مساومات على حساب المصلحة العامة؟

ألم يحن الوقت لنخرج من هذه اللعبة المدمرة؟.

لا نختلف حول ضرورة أن تشارك كل المكونات المجتمعية (وليست السياسية) في إدارة البلاد، لكن ذلك يجب أن يجري في ظل ديمقراطية حقيقية تقوم على وجود ائتلاف أطراف سياسية كأغلبية حاكمة، مقابل ائتلاف الأقلية السياسية الذي يمارس دور المعارضة وهو لا يقل أهمية عن دور الحكومة في خدمة البلاد لجهة مراقبة أداء الحكومة وتقويمه، فلا ديمقراطية حقيقية بدون معارضة بنّاءة.

تحقيق ذلك يشترط أن تكون أهداف الجميع بناء الدولة وليس الاستحواذ على مناصب لجني المنافع الجهوية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سالم مشكور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/05/07



كتابة تعليق لموضوع : فرصة لديمقراطية حقيقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net