سياسة السوق المفتوح ومستقبل المنتج الوطني العراقي

يعاني المنتج الوطني العراقي توقف العديد من مؤسساته الإنتاجية في ظل سياسة السوق المفتوح وغياب استراتيجية تنظم عملية الاستيراد، وذلك وسط دعوات لضرورة تبني استراتيجية تنموية، لتنويع وتطوير مختلف القطاعات الإقتصادية.

وتشهد السوق العراقية تخمة حقيقية بمختلف البضائع المستوردة، وبشكل خاص الاستهلاكية والكمالية، في ظل غياب استراتيجية تنظم عملية الإستيراد، وعدم وجود اجراءات كافية لمراقبة ذلك، ناهيك عن عدم خضوع المستُورد، في الأعم الأغلب، لإجراءات التقييس والسيطرة النوعية.

وأدت سياسة السوق المفتوح الى محاصرة المنتج الوطني العراقي وتوقف العديد من المؤسسات الانتاجية المملوكة للدولة أو للقطاع الخاص والتي وصلت الى أكثر من 37 منشأة صناعية كبيرة و50 ألف مشروع صناعي صغير ومتوسط وكبير، والى خراب قطاع الحرفيين والورش الفردية والعائلية.

إضافة الى التأثيرات السلبية المدمرة على الاقتصاد الوطني، وتحويله الى اقتصاد ريعي هش، فقد كان لتلك السياسة تأثيرات اجتماعية حادة، تهدد السلم الأهلي، كتذبذب الأمن الغذائي ـ حيث ان هناك مليوني عراقي، محرومون من الغذاء ـ وتدهور المستوى المعيشي للناس، إذ يعيش 10 ملايين عراقي عند أو تحت مستوى الفقر.

إضافة إلى ذلك أدت هذه السياسة إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل، حيث تصل نسبة البطالة لـ 16% بشكل عام، و35.5% بين الشباب، وخسارة البلاد لرأسمال بشري، وتوقف التجديد التكنولوجي، وتدهور القطاع الصناعي، حيث لم تزد مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج الأجمالي عن 1.8% في عام 2018، ومحاصرة القطاع الصناعي الخاص، الذي لم يتلق اي دعم حكومي ملموس طوال السنوات الماضية، ما أفقد 800 ألف عامل لوظائفهم، وخروج 90% من المصانع والورش عن العمل بطاقات إنتاج مربحة.

كما تتعطل جهود نصف مليون عامل في المنشآت المملوكة للدولة، بسبب الإهمال المتعمد لمصانعهم، تمهيداً لخصخصتها وبيعها كخردة.

وفي هذا الصدد، أعلنت غرفة تجارة وصناعة السليمانية، عن وجود خطر كبير يهدد مائة مصنع بالإغلاق، يعمل بها 5000 شخص ويستفيد منها نحو 20 ألف شخص، في اقليم كردستان، جراء غياب المساعدات الداعمة لها من أجل ديمومتها.

وأكد رئيس الغرفة عدم قدرة المنتجات الوطنية والمنتج الوطني العراقي على منافسة السلع المستوردة، دون أن تفرض الحكومة ضرائب كمركية على الإستيراد، وذلك لأن حكومات الدول المجاورة دأبت على تقديم دعومات مالية ولوجستية كبيرة لمصّدري منتجاتها الى العراق، لتكون أسعارها رخيصة في السوق العراقية.

من جانبها، شكت الشركة العامة للأسمنت مما يتعرض له إنتاجها، الذي بلغ مايقارب 4 ملايين طن خلال النصف الأول من هذا العام، من مشاكل معقدة ترفع من الكلف المالية، وأبرزها زيادة أسعار الوقود (النفط الأسود)، وتكاليف الصيانة الدورية والتأهيل.

وناشد المدير العام للشركة الجهات ذات العلاقة بضرورة العمل على إنقاذ صناعة الأسمنت العراقية، التي حققت الإكتفاء الذاتي في العام 2021، والتي تعد ثاني أهم صناعة في العراق بعد النفط، خاصة مع توفر موادها الأولية ووجود كوادر متمرسة بها ولأن إنتاجها عالي الجودة.

وتجدر الإشارة الى أن الإكتفاء الذاتي من مادة الإسمنت قد ساهم في توفير أربعة مليارات دولار خلال خمسة أعوام، إضافة الى إنقاذ حركة البناء في البلاد من مخاطر إسمنت مستورد، عُرف برداءة النوعية بشكل عام.

ويؤكد الخبير الإقتصادي د. جاسم محمد حافظ على أهمية إتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ صناعتنا الوطنية والمنتج الوطني العراقي، وتغيير الطابع الريعي للإقتصاد.

ويشير في حديثه الى ضرورة تبني استراتيجية تنموية، لتنويع وتطوير مختلف القطاعات الإقتصادية، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي، وتبني مشاركة القطاعين العام والخاص، إلى جانب تطوير وتوسيع القطاع المختلط، وتنويع الفروع الصناعية المختلفة وتنميتها.

كما دعا حافظ الى فرض ضرائب على المنتجات المستوردة بجميع أنواعها، لتصبح المنافسة عادلة خصوصاً عند خلق فرق سعر كبير يدفع المواطن إلى اقتناء المنتج المحلي الرخيص الثمن وذي النوعية الجيدة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/08/04



كتابة تعليق لموضوع : سياسة السوق المفتوح ومستقبل المنتج الوطني العراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net