تركيا تواصل قصف الأراضي العراقية، وخبراء يقدمون مقترحات لحل اﻷزمة معها
تركيا تواصل قصف الأراضي العراقية رغم الدعم الذي حظي به العراق في مجلس الأمن الدولي على خلفية “جريمة دهوك”.
وهو ما عزاه خبراء بالشأن الأمني إلى “استخفاف” أنقرة ببغداد ومجلس الأمن واستقوائها بتحالفاتها السياسية والعسكرية، مقدمين 4 مقترحات لحل الأزمة معها، في ظل استعداد البرلمان للتصويت على مخرجات ونتائج الجلسة السابقة الخاصة بالقصف التركي.
وبشأن أهمية انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لبحث الأمر يوم أمس الثلاثاء، يقول المحلل السياسي علي البيدر، إن “المساندة الدولية للعراق بالضد من تركيا، يأتي بعد أن أدركت الأطراف الدولية خطورة التحرك التركي، وإن لم يوضع له حد فسوف تتخذ تركيا الكثير من المواقف والتحركات في المنطقة وربما ستكون أكثر فداحة مما حصل سابقا، وبالتالي فإن الموقف الدولي سيحجم نفوذ تركيا ويرسل رسالة واضحة بأن العالم يرفض الطريقة التي تتعامل بها تركيا مع الأحداث وتتجاوز الحدود متى ما تشاء”.
ويتابع البيدر، أن “العراق إذا استثمر هذا التأييد، فيمكن أن يحقق نقلة نوعية ويحصن نفسه ويعيد ترتيب الواقع العراقي محليا ويقوي موقفه، ولكن ربما هناك أطراف ستسيئ استخدام هذا الجانب والعراق لا يحترف الدبلوماسية بمفهومها المطلق، لكن عمومًا هذه الخطوة تصب في مصلحة العراق، سواء في الوقت الراهن أو حتى مستقبلا”.
وبشأن مدى التزام تركيا بهذه الدعوات الدولية وانصياعها للدعوى العراقية في مجلس الأمن، يوضح أن “تركيا تتعامل بغطرسة وتعال مع الدول الضعيفة الإقليمية خصوصا العراق وسوريا”، لافتا إلى أن “مسألة استقواء تركيا بحلف الناتو، فهذا لن ينفعها دائما، كون الحلف يضم دولا منضبطة وترعى حقوق الانسان والتجارب الديمقراطية”.
وكان مجلس الأمن الدولي، قد عقد يوم أمس الثلاثاء، جلسته الخاصة بالشكوى التي رفعها العراق ضد الجانب التركي.
وفي مستهل الجلسة، أكد وزير الخارجية فؤاد حسين، أن العراق جمع الأدلة من موقع الاعتداء وتضمنت شظايا مقذوفات مدفعية ثقيلة يستخدمها الجيش التركي، وأن هناك حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب إلى الشمال بسبب الاعتداء التركي.
ودعا حسين مجلس الأمن إلى إصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها من العراق، مطالبا بتشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا “العمل العدواني”، وإلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العُزل.
وخلال الجلسة، أعلنت مندوبة الولايات المتحدة ليندا توماس عن إدانة بلدها لقصف مصيف برخ في دهوك، داعية إلى احترام سيادة العراق وأراضيه.
فيما جاءت مواقف الدول الأخرى مساندة للعراق، إذ دانت فرنسا الهجوم، وطالبت بمحاسبة مرتكبيه، معلنة عن تأييدها لالتزام رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، كما جاءت مواقف بريطانيا وروسيا والصين والإمارات والهند مشابهة لهذا الموقف.
ومنذ مطلع العام الماضي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.
وبشأن تجدد القصف التركي على الرغم من الاستنكار والإدانية المحلية والدولية، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، إن “القصف لن يتوقف إلا بتوفر عناصر مهمة، أولها ضبط الحدود وتحصينها ومسكها من قبل قيادة العمليات المشتركة وبالتعاون مع البيشمركة، إضافة إلى قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بغداد وأنقرة”.
ويضيف أبو رغيف “الأمر الآخر هو استيراد أجهزة رادارات متطورة تتصدى لأي خرق أمني، إضافة إلى إعادة تنظيم حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية بما ينسجم مع الضوابط واللوائح العراقية النافذة والصادرة، وهذه الأمور الأربعة إن لم تتوفر فإن التمادي التركي لن يتوقف”.
ويتابع “تركيا على ما يبدو لا تهتم بقرارات مجلس الأمن الدولي، لأنها تستقوي بعلاقاتها وتحالفاتها السياسية والعسكرية، وهذا يجعلها تستخف بالعراق، وفي حال لم تطبق الشروط المذكورة أعلاه، فلن يتوقف الاستهتار والاستخفاف التركي”.
وكانت الطائرات الحربية التركية قصفت محيط قرية سكيري التابعة لقضاء العمادية شمالي دهوك، يوم أمس، وذلك بعد قيام الجيش التركي قبل يومين نقطة عسكرية جديدة في سلسلة جبل متين المطل على قرية سركلي شمال المحافظة.
وجاءت هجمات يوم أمس، بالتزامن مع وصول وفد عسكري عراقي للنقطة صفر مع الحدود التركية، وكان برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة عبد الأمير الشمري، وضم معاون رئيس أركان الجيش للعمليات وقائد قوات حرس الحدود.
إلى ذلك، يرى الخبير الأمني حسين الكناني، أن “لدى تركيا أهدافا استراتيجية بالإضافة إلى أطماعها بكركوك وبعض المناطق العراقية والسورية، وتريد خلق واقعية لهذا الأمر عبر فرض وجودها العسكري بالقوة”.
ويشير الكناني، إلى أن “هذه العمليات ليست الأولى لتركيا، فهي تريد من طريق هذه العمليات فرض شخصيتها على العراق، وبالتالي لا تستطع أي جهة أن تتعامل بندية مع تركيا حتى في ظل وجود مخالفات وخروق قانونية على المستوى الدولي”.
ويلفت إلى “حاجة العراق لموقف حاسم على المستوى الاقتصادي والتجاري، وعدم السماح باستمرار خرق أجواء العراق، إضافة إلى محاولة طرد أكبر عدد من الشركات التركية، خصوصا الأهلية وتشكيل ضغط شعبي على تركيا وإجبارها على تغيير سياستها”.
ومنذ مطلع العام الماضي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.
من جانبه، يبين عضو مجلس النواب محمد البلداوي، أن “كان من المفترض أن تكون لجلسة البرلمان السابقة مخرجات، لكن تأجل الأمر إلى الجلسة المقبلة، حيث ستتم مناقشتها والتصويت عليها”.
ويضيف البلداوي، أن “ضعف الحكومات المتعاقبة وعدم استطاعتها الوقوف أمام الاحتلال التركي وإيقافه عند حده، هو ما جعل الأتراك يتمادون بهذا الاتجاه”.
وكان مجلس النواب، عقد في 23 تموز يوليو الحالي، جلسته الأولى من الفصل التشريعي الثاني بحضور 242 نائبا لمناقشة القصف التركي على مصيف برخ، في زاخو بحضور وزيري الخارجية والدفاع وقادة بالجيش.
وقد شكل البرلمان في جلسته السابقة، لجنة مكونة من أعضاء في لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية لمواكبة الجهد الحكومي تجاه هذه الأزمة ومتابعة إجراءات الحكومة مع الجهات الدولية لمعالجة المشكلة.
يذكر أن وزير الخارجية فؤاد حسين أشار في كلمته بالبرلمان، إلى وجود محضر رسمي موقع من قبل وزير الخارجية العراقي في النظام السابق طارق عزيز مع نظيره التركي عام 1984 ولمدة سنة واحدة فقط يقضي بالسماح لدخول القوات التركية داخل الأراضي العراقية مسافة 5 كم، منوها إلى تسجيل أكثر من 22 ألفا و700 انتهاك تركي منذ 2018 ضد سيادة العراق.
وأكد حسين أن وزارة الخارجية العراقية قدمت 296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية وتم إدراجها مؤخرا مع الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي تجاه تركيا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat