تقرير: ظاهرة الدكة العشائرية تتراجع مع انتشار المباني السكنية الحديثة

ظاهرة الدكة العشائرية هي إحدى الظواهر الاجتماعية السلبية التي يكافحها القانون العراقي، والتي بدأت بالتراجع نسبياً في الآونة الأخيرة رغم تسجيل بعض الحوادث المرتبطة بها، حيث لعبت العمارات الحديثة ذات الشقق دوراً لا يخفى في منع هذه العادة، كون الشقق والمباني الشاهقة لا تعتبر بيئة مساعدة للدكة العشائرية.

وتشير التقديرات إلى أن 75 بالمئة من العراقيين هم جزء من واحدة من حوالى 150 عشيرة في البلاد، وتعترف الدولة بأهمية العشائر، حيث يؤكد الدستور العراقي على الدور الذي يمكن أن تلعبه في “تنمية المجتمع”. لكن في الوقت نفسه، يحظر الدستور “العادات العشائرية التي تتعارض مع حقوق الإنسان”.

وتُعرف إحدى الممارسات العشائرية التي تحاول السلطات جاهدة منعها باسم الدكة، وتقوم الدكة على تهديد أفراد عشيرة ما لأفراد عشيرة أخرى في مساكنهم الخاصة، ورغم أن القضاء اعتبر هذه العادة “عملًا إرهابيًا” منذ أكثر من أربع سنوات، فإن مثل هذه العادات لا تزال تغزو المجتمع.

وغالبًا ما تُستعمل الأسلحة ومن بينها القنابل اليدوية خلال الدكة العشائرية، وتهدف هذه الهجمات عادة إلى أن تكون تحذيرًا وشكلًا من أشكال الضغط لفرض المفاوضات حول نزاع أوسع، وفي حالة رفض الطرف المعارض التفاوض، قد يأخذ الخلاف منعطفًا أكثر دموية، ما يؤدي إلى وقوع إصابات في كلا الجانبين.

واجهت قوات الأمن العراقية منذ فترة طويلة ممارسة الدكة في المناطق المكتظة بالسكان، لكن هذا لا يعني أن سكان الأحياء الراقية سلموا من ظاهرة الدكة العشائرية، كذلك لم تسلم المدارس ولا المباني الحكومية ولا المؤسسات الطبية.

ومع ذلك، بدا في السنوات الأخيرة وكأن المباني السكنية الشاهقة الجديدة تكبح هذا الشكل من العنف العشائري، وغالبًا ما يكون لهذه المجمعات إجراءات أمنية مشددة تزيد من صعوبة تنفيذ هجمات الدكة.

وشهدت بغداد وحدها تشييد 40 مبنى سكني شاهق الارتفاع في العامين الماضيين، وفي حين يستهدف عدد من هذه المنازل المشترين من الطبقة المتوسطة، فإن المشاريع التوسعية السكنية الأخرى تستهدف ذوي الدخل المنخفض من العراقيين، على سبيل المثال، من المخطط أن يستوعب مجمع بسماية السكني الضخم الواقع شرق بغداد حوالى 600 ألف شخص.

وبما أن الدكة تعتمد على إيصال رسالة علنية سواء من خلال كتابة تهديد على باب منزل أو إطلاق الرصاص عليه، فمن الصعب ارتكاب مثل هذه الأعمال في مجمعات كبيرة مقارنة بالبيوت التقليدية.

علاوة على ذلك، توفر وزارة الداخلية العراقية الأمن للمجمعات السكنية الكبيرة كجزء من حملتها الهادفة إلى إنهاء هجمات الدكة. ويجعل هذا الأمر إحضار الأسلحة إلى مثل هذه المواقع مهمة شاقة.

وفي هذا السياق، قال علي الرباعي عضو الهيئة الإدارية في مشروع إسكان بسماية إن الشقق في المباني الشاهقة هي “شبكة أمان وحاجز” ضد ممارسة الدكة.

وأضاف: “لا يستطيع رجال العشائر حمل السلاح والتجمع في أروقة المباني والأبراج لأن مثل هذه الممارسات تتطلب تقليديًا مساحة كبيرة غير متوفرة أيضًا”.

كانت ظاهرة الدكة العشائرية تهدد بشكل خاص الأفراد الذين يعتبرون جزءًا من النظام السياسي العراقي أو قوات الأمن. وتتدخل العشائر العراقية بشكل متكرر في الشؤون السياسية، على الرغم من أن هذا الأمر لا يستتبع بالضرورة أعمال عنف.

ورفعت العشائر على نحو متزايد دعاوى قضائية ضد مسؤولي البلديات وحتى أعضاء البرلمان لتحقيق أهدافها.

ومع ذلك، فإن استمرار هجمات الدكة يعمل على تقويض النظام القضائي العراقي وسلطة المؤسسات المدنية.

وتحدث ضابط في وزارة الداخلية حول ما قال إنه “تقدم في ردع الفوضى العشائرية”.

وأوضح المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن المباني السكنية الشاهقة الجديدة تجعل من الصعب على المهاجمين المحتملين “التعرف على شقق معينة من الخارج”.

وفي إشارة إلى أحداث الدكة، قال إن “ظاهرة الدكة العشائرية لا تنفك تتآكل”.

وقال مصدر في وزارة الداخلية إن بعض المجمعات السكنية الجديدة بدأت تفرض شروطًا جديدة على المشترين المحتملين.

واعتبر أن هذا الأمر أدى إلى الحد من العنف العشائري وأن بغداد لم تشهد سوى هجوم “واحد أو اثنين” من هجمات الدكة على المباني الجديدة في الأشهر الأخيرة.

لكن المصدر أشار مع ذلك إلى أن التهديدات “خارج المجمعات” لا تزال مصدر قلق للسلطات.

والأهم من ذلك أن القوانين العراقية تفرض عقوبات صارمة على مرتكبي العنف العشائري. وتشمل هذه العقوبات السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات لمن هدد بارتكاب جريمة ضد الآخرين أو ممتلكاتهم.

لكن تطبيق هذه القوانين يمثل تحديًا ويتطلب نشر قوات أمنية في مناطق ذات نفوذ عشائري قوي، ما قد يؤدي بدوره إلى نشوب صراع.

وتجدر الاشارة الى عدم وجود احصاءات رسمية عن عدد حوادث الدكة في العراق، ومع ذلك، قال مصدر أمني من قيادة عمليات بغداد إن حوالى 10 هجمات دكة تحدث كل يوم في العاصمة وحدها.

وأوضح المصدر أن معظم هذه الحالات تحدث في الجزء الشرقي من المدينة المكتظ بالسكان. لكنه أكد أيضًا أن “المدن السكنية المنشأة حديثًا تساعد في تطبيق القانون”.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/07/10



كتابة تعليق لموضوع : تقرير: ظاهرة الدكة العشائرية تتراجع مع انتشار المباني السكنية الحديثة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net